آخر الأخبار

random
جاري التحميل ...

كَلامٌ لِأَهْلِ الفَهْمِ وَالْحالِ وَصِيَّةُ سَيِّدِي حَمْزَةَ بَيْنَ الظَّاهِرِ وَالسِّرِّ

كَلامٌ لِأَهْلِ الفَهْمِ وَالْحالِ وَصِيَّةُ سَيِّدِي حَمْزَةَ بَيْنَ الظَّاهِرِ وَالسِّرِّ


 1 - سِرُّ قِصَّةِ الخَضِرِ وَالقَدَرِ


إِنَّ الوُقُوفَ عِنْدَ قِصَّةِ سَيِّدِنا الخَضِرِ عَلَيْهِ السَّلامُ حِينَ قَتَلَ الغُلَامَ،لَيْسَ مُجَرَّدَ تَأَمُّلٍ فِي حَادِثَةٍ،بَلْ هُوَ وُقُوفٌ عَلَى بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ القَضَاءِ وَالقَدَرِ؛بَابٌ لَا يَفْتَحُهُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ اللهُ لَهُ بِذَوْقِ أَسْرَارِهِ.

فَالسُّؤَالُ الَّذِي حَيَّرَ العُقُولَ:

كَيْفَ يُقْتَلُ الغُلَامُ وَلَمْ يَجْرِ ذَنْبًا بَعْدُ؟
وَكَيْفَ يَتَقَدَّمُ القَدَرُ عَلَى العَمَلِ؟

وَالجَوَابُ:

لِأَنَّ عِلْمَ اللهِ سَبَقَ،
وَمَشِيئَتَهُ أَحَاطَتْ،
وَحِكْمَتَهُ تَجْرِي عَلَى الخَلْقِ جَرْيًا لَا يَرُدُّهُ أَحَدٌ.

فَاللَّهُ قَادِرٌ عَلَى الهِدَايَةِ،وَلَكِنَّهُ يُجْرِي الحِكْمَةَ فِي قَضَائِهِ،وَيُظْهِرُ سِرَّهَا لِمَنْ شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ.وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ نَبِيًّا،لَمَا احْتَمَلَ مَا رَأَى،وَلَا صَدَّقَ مَا سَمِعَ.

وَهَكَذَا القَدَرُ:

لَا يَفْهَمُهُ إِلَّا نَبِيٌّ،
أَوْ قَلْبٌ صَافٍ،
أَوْ عَبْدٌ ذَاقَ مِنْ أَسْرَارِ الجَرَيَانِ الإِلَهِيِّ عَلَى العِبَادِ.

2 ـ سُلْطَانُ القَضَاءِ وَالحِكْمَةِ الإِلَهِيَّةِ


اتَّفَقَ العَارِفُونَ أَنَّ القَضَاءَ المُبْرَمَ لَا يَدْفَعُهُ دَافِعٌ،وَلَا يَرُدُّهُ رَادٌّ،إِلَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِلُطْفِهِ.

وَقَالَ أَهْلُ التَّحْقِيقِ:

الحِكْمَةُ فِي القَدَرِ لَيْسَتْ فِيمَا نَرَاهُ،بَلْ فِيمَا يَعْلَمُهُ اللهُ.
خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ؛فَالطَّاعَةُ وَالمَعْصِيَةُ جَمِيعًا تَجْرِيَانِ فِي سُلْطَانِ الحَقِّ.
وَلَمَّا سُئِلَ الإِمَامُ الجُنَيْدُ: هَلْ يَزْنِي العَارِفُ؟
قَالَ: وَكَانَ أَمْرُ اللهِ قَدَرًا مَقْدُورًا.
يُشِيرُ إِلَى أَنَّ العَبْدَ لَا يَتَحَرَّكُ ذَرَّةً إِلَّا عَلَى بِسَاطِ التَّقْدِيرِ.

3 ـ وَصِيَّةُ سَيِّدِي حَمْزَةَ… بَيْنَ الظَّاهِرِ وَالسِّرِّ


وَإِذَا انْتَقَلْنَا إِلَى وَصِيَّةِ الشَّيْخِ العَارِفِ بِاللهِ سَيِّدِي حَمْزَةَ قَدَّسَ اللهُ سِرَّهُ،فَلَيْسَ الأَمْرُ وَرَقَةً وَلَا تَرْتِيبًا بَشَرِيًّا،وَلَكِنَّهُ قَدَرٌ جَرَى عَلَى الطَّرِيقَةِ وَأَهْلِهَا.

فَبِشَهَادَةِ فُقَرَاءَ صَادِقِينَ:

لَمْ يَكُنِ الشَّيْخُ رَاضِيًا عَنْ مُنِيرٍ،بَلْ حَذَّرَ مِنْهُ،وَرَفَضَ نِسْبَتَهُ إِلَى مَقَامِ التَّرْبِيَةِ.
وَمَعَ ذَلِكَ أُدْرِجَ اسْمُهُ فِي الوَصِيَّةِ بِإِلْحَاحٍ مِنْ وَالِدِهِ.
تِلْكَ أَسْبَابُ الظَّاهِرِ؛أَمَّا الحَقِيقَةُ فَهِيَ أَنَّ القَدَرَ كَانَ يَسُوقُ الأَمْرَ سَوْقًا.

كَمَا سَاقَ أُمُورَ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلامُ:

أَسْبَابٌ تُخَالِفُ الحِكْمَةَ البَاطِنَةَ،وَالسِّرُّ مَحْفُوظٌ عِنْدَ اللهِ حَتَّى يَحِينُ المِيعَادُ.
وَقَدْ دَعَا الشَّيْخُ اللهَ أَنْ يَكُونَ سَيِّدِي مُعَاذٌ شَيْخًا مِنْ بَعْدِهِ،
فَمَدَّ إِلَيْهِ السِّرَّ،
وَسَلَّمَهُ الإِذْنَ،
وَأَعَدَّهُ لِحَمْلِ الأَمَانَةِ،
ثُمَّ سَتَرَهُ تَحْتَ ظَاهِرِ الوَصِيَّةِ،
حَتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الظُّهُورِ.

4 ـ انْكَشَافُ الحِكْمَةِ اليَوْمَ


الْيَوْمَ بَدَأَ السِّرُّ يَتَّضِحُ:

فَقَدِ اقْتَحَمَ الطَّرِيقَةَ أَصْحَابُ الأَهْوَاءِ،وَالمَصَالِحِ الدُّنْيَوِيَّةِ،وَمَنْ لَا يَعْرِفُونَ حَقِيقَةَ التَّصَوُّفِ.
فَكَانَتِ الوَصِيَّةُ الظَّاهِرَةُ امْتِحَانًا وَتَمْيِيزًا:
يُتَابِعُهَا مَنْ لَا نَصِيبَ لَهُ مِنَ السِّرِّ،وَيَنْجَذِبُ إِلَى الإِذْنِ وَالنُّورِ مَنْ اصْطَفَاهُمُ اللهُ لِلتَّرْبِيَةِ وَالسُّلُوكِ.

5 ـ الخِتَام


وَهَكَذَا، فَالأَمْرُ لَيْسَ صِرَاعًا بَيْنَ أَشْخَاصٍ،وَلَا نِزَاعًا عَلَى مَنْصِبٍ،بَلْ هُوَ قَضَاءُ اللهِ يَجْرِي،وَقَدَرُهُ يَعْمَلُ،وَحِكْمَتُهُ تُظْهِرُ مَنْ شَاءَ،وَتَسْتَبْعِدُ مَنْ شَاءَ.

النَّاسُ يَرَوْنَ الوَرَقَةَ… 
وَأَهْلُ اللهِ يَرَوْنَ القَدَرَ.

لَا غَالِبَ إِلَّا اللهُ.

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية