نفحات الطريق

يعنى الموقع بالتأصيل الشرعي للتصوف المقتبس من مشكاة نور النبوة والتعريف بمقامات وأعلام الصوفية. إلى جانب نشر كتب ورسائل عن التصوف.

آخر الأخبار

random
جاري التحميل ...

البشارة من الله تعالى

(يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ* خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ).

البشارة من الله تعالى على قسمين : بشارة بواسطة المَلَكِ ، عند التوفي :{ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ المَلاَئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالجَنَّةِ } [ فصلت : 30 ] .
وبشارة بلا واسطة بقول المَلَك ، إذ يُبَشِّرهم ربُّهم برحمةٍ منه ، وذلك عند الحساب . يبشرهم بلا واسطة بِحُسْنِ التولِّي؛ فعاجِلُ بشارتهم بنعمة الله ، وآجِل بشارتهم برحمة الله ، وشتان ما هما!
ويقال البشارة بالنعمة والجنة لأصحاب الإحسان ، والبشارة بالرحمة لأرباب العصيان ، فأصحاب الإحسان صَلُحَ أمرهم للشهرة فأَظْهَرَ أَمَرَهُم للمَلَكِ حتى بَشَّروهم جَهْراً ، وأهلُ العصيان صلح حالهم لِلسَتْرِ فتولَّى بشارتهم - من غير واسطة سِرَّاً .
ويقال إِنْ كانت للمطيع بِشارةٌ بالاختصاص فإنَّ للعاصي بشارة بالخلاص . وإن كان للمطيع بشارة بالدرجات فإن للعاصي بشارة بالنجاة .
ويقال إنَّ القلوبَ مجبولةٌ على محبة من يُبَشِّر بالخير؛ فأراد الحقُّ - سبحانه - أن تكون محبةُ العبد له - سبحانه - على الخصوص؛ فتولَّى بشارته بعزيز خطابه من غير واسطة ، فقال : { يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ } [ التوبة : 21 ] وفي معناه أنشدوا :
لولا تَمتُّعُ مُقْلتي بلقائه ... لَوَهَبْتُها بُشْرَى بقرب إيابه
ويقال بَشَّرَ العاصِيَ بِالرحمة ، والمطيعَ بالرضوان ، ثم الكافةَ بالجنة؛ فَقَدَّمَ العاصِيَ في الذكر ، وقدَّم المطيع بالبرِّ ، فالذَّكر قوْلُه وهو قديم والبِرُّ طَوْلُه وهو عميم . وقولُه الذي لم يَزَلْ أعَزُّ مِنْ طوْله الذي حصَلَ . قدَّم العصاة على المطيعين لأنَّ ضَعْفَ الضعيف أَوْلى بالرِّفق من القوي .
ويقال قدَّم أمر العاصي بالرحمة حتى إذا كان يومُ العَرْضِ وحضورِ الجمعِ لا يفتضح العاصي .
ويقال : { يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ } يُعَرِّفُهم أنهم لم يصلوا إلى ما وصلوا إليه من تلك الدرجات بسعيهم وطاعتهم ، ولكن برحمته - سبحانه - وصلوا إلى نعمته ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ما منكم من أحدٍ يُنَجِّيه عمله . قالوا : ولا أنتَ يا رسول الله؟ قال : ولا أنا ، إِلا أن يتغمدني الله برحمته » .
قوله : { لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ } : قومٌ نعيمُهم عطاءُ ربِّهم على وصف التمام ، وقومٌ نعيمُهم لقاءُ ربهم على نعت الدوام؛ فالعابدون لهم تمام عطائه ، والعارفون لهم داوم لقائه .
ثم قال : { خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَدًا } والكناية في قوله « فيها » كما ترجع إلى الجنة تصلح أن ترجع إلى الحالة ، سيما وقد ذكر الأجر بعدها؛ فكما لا يَقْطَعُ عطاءَه عنهم في الجنة لا يمنع عنهم لقاءَه متى شاءوا في الجنة ، قال تعالى : { لاَّ مَقْطُوعَةٍ وَلاَ مَمْنُوعَةٍ } [ الواقعة : 33 ] أي لا مقطوعةٌ عنهم نعمتُه ، ولا ممنوعةٌ منهم رؤيتُه .

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق