آخر الأخبار

جاري التحميل ...

ضوابط الأخذ الروحي في الطريقة القادرية البودشيشية (الاعتزاز)

يعتبر الاعتزاز هو الأخر ضابط من ضوابط الأخذ الروحي في الطريقة البودشيشية ،وهو تعبير صريح عن مدى تعلق المريد بشيخه وطريقته.

والاعتزاز مبدأ عام في جل التنظيمات وخصوصا منها الدينية .ولايمكن أن يكون المرء في حالة ارتياح وهو يتحرج من انتمائه الديني وغير قادر على التصريح بميوله للعامة والخاصة. فالاعتزاز هو مؤشر لدرجة الثقة والشعور بالافتخار باختيار الوجهة التي عليها الإنسان .كما لايعقل الاستمرار في تنظيم معين إذا شعر الفرد بأنه لايستطيع أن يجد ذاته فيه ولذلك فالتنظيمات سواء كانت على حق أو باطل ،فانها تتقوى حين ارتفاع مؤشر الاعتزاز لدى أعضائها.

إن الاعتزاز بالإيمان والإسلام وسيد المرسلين هو الذي جعل الصحابة الكرام يتحملون العذاب والتحقير من الكفار وهو الذي جعل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يجهر بإسلامه ويتحدى الجميع.ونحن امة تفتخر وتعتز بهذا الفضل الإلهي الذي أكرمنا الله به وهو رسالة الإسلام والانتساب إلى صفوة الأنبياء وسيد ولد آدم .وقد ورث السلف الصالح هذا الاعتزاز من الصحابة والتابعين وجيل الفضل والصلاح والتقوى والعلم . لقد اعتاد الرجل ذكر شيوخه في العلم والتربية الروحية ،فتجده يقول : فلان مالكي المذهب أشعري العقيدة وجنيدي طريقة أو قادري أو شاذلي المشرب وغير ذلك من الانتماءات المذهبية الفقهية والمشارب الروحية الصوفية.

والاعتزاز بهذا الانتساب او ذاك لا علاقة له بالتعصب للتمذهب ،بل هو اعتراف بالفضل لأهل المعرفة والعلم والتربية والإرشاد.ولا يجادل احد في كون الامة الاسلامية هي امة إسناد في العلوم عامة وفي السلوك والسير والدلالة على الله خاصة ،فكل الامم تعتز بعلمائها ورجالاتها ورموزها في العلم والابتكار والأخلاق وتلقين المعارف.لقد ابتليت الأمة ببدعة اللامذهبية والتنكير على الناس لانتسابهم للمذاهب والتقيد بها وسلوك الطريق الى الله على يد أهل التربية بدعوى ان ذلك مخالف للشرع ومدعاة للتفرقة ،في نفس الوقت الذي يتمسكون بشيوخهم ورموزهم ويجعلونهم فوق جميع علماء الامة وصلحائها مع أنه لامجال للمقارنة.

إن الاعتزاز عند المريد يترجم حال المحبة والامتنان الذي يغمر قلبه نحو شيخه الذي يرعاه ويوجهه الى الله .وكيف لا يعتز المريد بشيخه وهو وهو يلقنه ذكر التوحيد ويحثه على الاكثار من الصلاة على سيد المرسلين ،وتوقير ومحبة المسلمين والدعاء لصالحهم وطالحهم؟ وكيف لايعتز به وهو يذكره اذا نسي مولاه ،ويعلمه حقائق التوحيد وشروط الرسوخ في العبودية؟

إن السنوات التي قضيتها في طريقتنا المباركة ،وفي كل جلسة مع شيخنا سيدي حمزة اطال الله عمره ،لابد أن يذكر شيخه سيدي ابو مدين ويترحم عليه ويعترف بفضله وصلاحه وورعه ومعرفته بخبايا النفس ودسائسها ،لم اشهد في حياتي وفاءا كهذا واعتزازا كهذا ،وكيف لا وسيدي ابو مدين كان طودا شامخا في معرفة الله. وقد سمعت من شيخي سيدي حمزة "ورثت من سيدي ابو مدين الخوف من الله ومحبة سيدنا رسول الله والاكثار من الذكر والمسكنة ولو بقي حيا لقمت على خدمته وملازمته كما كنت دائما ...".لم يتقاعس سيدي حمزة قط ،عن التعريف بشيخه والحديث عنه والدعوة الى منهجه في السلوك والورع ،كما انفق ماله وكذلك والده الشيخ الجليل سيد الحاج العباس رحمه الله ،في اطعام المريدين والمحتاجين و صيانة الزاوية حتى وصلت الى الاشعاع العالمي الحالي ،الذي هو تعريف بالإسلام الحقيقي الصافي وحمل الناس على التعارف والتساكن.

ونحن نشعر بالاعتزاز والشرف الكبير للانتساب الى سيدي حمزة ،الذي ربى ولازال اجيالا ولقن الناس الذكر ووجهنا الي محبة وخدمة الوطن واجتناب الفتنة والدعاء لملك البلاد وكافة المغاربة والمسلمين ،دون انتظار أي مقابل على ذلك .إن المريدين الاجانب من الفيتنام واليابان وبقاع العالم ،طالما سمعت منهم ان سيدي حمزة متفرد في خلقه وتواضعه وسعة مداركه ونفاذ بصيرته وأنه كنز للإنسانية وحري ان يعرف بمنهجه وحكمته لدى باقي الشعوب.

خالد ميار الادريسي 

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية