آخر الأخبار

جاري التحميل ...

حقيقة المعرفة بالله تعالى .


المعرفة الحقيقيّة أخْذُ الله للعبد أخْذاً لا يعرف له أصلا ولا فصلا ولا سببا ، ولا يتعلّق فيه كيفيّة مخصوصة ، ولا يبقى له شعور بحسّه وشواهده وممحوّاته ومشيئته وإرادته ، بل تقع عن تجلّ إلهيّ ليس له بداية و لا غاية ، ولا يوقّف له على حدّ ولا نهاية ، ومحق العبد محقا لا يبقى له شعور بشيء ولا بعدم شعوره ولا بمحقة ، ولا يميّز أصلا من فرعه ولا عكسه ، بل لا يعقل إلاّ من حيث الحقّ بالحقّ في الحقّ عن الحقّ . فهذه المعرفة الحقيقيّة.

ثمّ يفيض عليه من أنوار قدسه فيضا ، فيعطيه كمال التمييز والتفضيل بين المراتب وخواصّها ، وما تعطيه حقائقها في جميع أحكامها ومقتضياتها ولوازمها ، وتفصيل الصفات والأسماء ومراتب آثارها ومعارفها وعلومها ، وهذا التمييز يسمّى بالبقاء التامّ والصحو الكامل ، والأصل الأوّل يسمّى بالفناء التامّ والصحو الكامل ، ولا قيام لهذا البقاء إلاّ بفناء الفناء الأوّل على أصله وقاعدته ، ومتى انهدم الأوّل انهدم الثاني ، والسلام . 

فمن تحلّى بهذا الوصف المتقدّم صحّ له الظهور في الخلق والتقدّم عليهم ، وإليه يلقي المريد نفسه، ويقتفي آثاره ويمتثل أوامره ويجتنب نواهيه ومعارضته ولو بقلبه ، فإذا فعل هذا سأل من محض فضل الله وكرمه بإظهار فقره ولسان ذلّه ، وبجاه حبيبه ونبيّه أن يرحمه بالفتح الأكبر على يد قدوته ، ومن لم يطلب الفتح من أبوابه طرد ، ولم ينتفع بأسبابه . 

قال سيّدنا رضي الله عنه : قاعدة ، إعلم أنّ الفتح والوصول إلى الله في حضرة المعارف لا يبعثه الله تعالى إلاّ على يد أصحاب الإذن الخاصّ كإذن الرسالة ، ومتى فُقِدَ الإذنُ الخاصّ لم يوجد من الله له فتح ولا وصول ، وليس لصاحبه إلاّ التعب ، ومن تعلّق بمطالعة كتب التصوّف وسار إلى الله بالنقل منها والأخذ عنها والرجوع إليها والتعويل عليها ، ليس له من سيره إلاّ التعب ، ولا يحصل له من الله شيء ، نعني من الوصول إلى حضرة المعارف. 

جواهر المعاني وبلوغ الأماني

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية