نفحات الطريق

يعنى الموقع بالتأصيل الشرعي للتصوف المقتبس من مشكاة نور النبوة والتعريف بمقامات وأعلام الصوفية. إلى جانب نشر كتب ورسائل عن التصوف.

آخر الأخبار

random
جاري التحميل ...

الحكم العطائية (13) : كَيْفَ يُشْرِقُ قَلْبٌ صُوَرُ الأَكْوَانِ مُنْطَبِعَةٌ فِى مِرْآَتِهِ ؟

كَيْفَ يُشْرِقُ قَلْبٌ صُوَرُ الأَكْوَانِ مُنْطَبِعَةٌ فِى مِرْآَتِهِ ؟ أَمْ كَيْفَ يَرْحَلُ إِلَى اللهِ وَهُوَ مُكَبَّلٌ بِشَهَوَاتِهِ ؟ أَمْ كَيْفَ يَطْمَعُ أَنْ يَدْخُلَ حَضْرَةَ اللهِ وَهُوَ لَمْ يَتَطَهَّرْ مِنْ جَنَابَةِ غَفَلاَتِهِ ؟ أَمْ كَيْفَ يَرْجُو أَنْ يَفْهَمَ دَقَائِقَ الأَسْرَارِ وَهُوَ لَمْ يَتُبْ مِنْ هَفَوَاتِهِ ؟

الحضرة : هى حضور القلب مع الرب و هى على ثلاثة أقسام :

حضرة القلوب ، و حضرة الأرواح ، و حضرة الأسرار 
فحضرة القلوب للسائرين 
و حضرة الأرواح للمستشرفين
و حضرة الأسرار للمتمكنين
أو تقول حضرة القلوب لأهل المراقبة و حضرة الأرواح لأهل المشاهدة و حضرة الأسرار لأهل المكالمة و سر ذلك ان الروح مادامت تتقلب بين الغفلة و الحضرة كانت فى حضرة القلوب فإذا استراحت بالوصال سميت روحا و كانت فى حضرة الأرواح ، و إذا تمكنت و تصفت و صارت سرا من أسرار الله سميت سرا و كانت فى حضرة الأسرارفالحضرة مقدسة منزهة مرفعة لا يدخلها إلا المطهرون ، فحرام على القلب الجنب أن يدخل مسجد الحضرة و جنابة القلب غفلته عن ربه.

قال تعالى :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغْتَسِلُوا "اي لا تقربوا صلاة الحضرة و أنتم سكارى بحب الدنيا و شهود السوى و حتى تتيقظوا و تتدبروا ما تقولون فى حضرة الملك ، و لا جنبا من جماع الغفلة و شهود السوى حتى تتطهروا بماء الغيب الذى أشار إليه الحاتمى رضى الله عنه كما فى الطبقات الشعرانية فى ترجمة المواهب بقوله :
توضأ بماء الغيب إن كنت ذا سر وإلا تيمم بالصعيد أو الصخر

يعنى تطهر من شهود نفسك بماء الغيبة عنها بشهود ربك أو تطهر من شهود الحس بشهود المعنى ، أو تطهر من شهود عالم الشهادة بماء شهود عالم الغيب ، او تطهر من شهود السوى بماء العلم بالله فإنه يغيب عنك كل ما سواه ، و إذا تطهرت من شهود السوى تطهرت من العيوب كلها و إن لم تقدر على الطهارة الحقيقية التي هي الطهارة الباطنية فانتقل للطهارة المجازية التي هي الطهارة الظاهرية و إن لم تقدر على طهارة المقربين فانتقل لطهارة أهل اليمين و إن لم تقدر على طهارة أهل المحبة فانتقل لطهارة أهل الخدمة قوما أقامهم الله لخدمته، و قوم اختصهم لمحبته:( كُلا نُمِدُّ هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا ).

فطهارة أهل المحبة الفكرة والنظرة و طهارة أهل الخدمة بالمجاهدة و المكابدة بين عبادة ظاهرة كصلاة وصيام و ذكر و تلاوة و تعليم و غير ذلك و بين عبادة خفية كخوف ورجاء و زهد و صبر وورع و رضي و تسليم و رحمة و شفقة و غير ذلك مما لا يظهر للعيان ، و هذا هو تصوف أهل الظاهر ، و أما تصوف أهل الباطن: فهو الغيب عن الأكوان بشهود المكون أو الغيبة عن الخلق بشهود الملك الحق وإذا رحل القلب من وطن شهوته و تطهر من لوث غفلاته وصل إلى حضرة ربه و تنعم بشهود قربه.

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق