يقول الإمام القشيري :
الله سبحانه وتعالى كاشف القلوب مرة بوصف جلاله ، ومرة بوصف جماله،فإذا كاشفها بنعت جماله صارت أحواله العبد عطشاً في عطش،وإذا كاشفها بوصف جلاله صارت أحواله دهشاً في دهش .
ومن كاشفه بجلاله أفناه ، ومن كاشفه بجماله أحياه .
فكشف الجلال يوجب محواً وغيبة ..
وكشف الجمال يوجب صحواً وقربة .
وكشف الجلال يوجب اجتياحاً وثبوراً ،
وكشف الجمال يوجب ارتياحاً وسروراً .
والعارفون كاشفهم بجلاله فغابوا ، والمحبون كاشفهم بجماله فطابوا،فمن غاب فهو مهيم ، ومن طاب فهو مقيم .فالجلال إذا كوشف به العبد ، يفني عن نفسه في ذات الحق سبحانه،فينقطع عنه إحساس وجوده ، ويغلب عليه خشية الحق سبحانه ، والتجرد من حوله وقوته إلى ربه،فلا يحس إلا بوجود الله،فتحصل له حلاوة من الجلال والجمال يغيب فيها دون أن يدري ،ولا يوقظه منها إلا الله.