آخر الأخبار

جاري التحميل ...

الحكم العطائية ( 70 ) : من رأيته مجيباً عن كل ما سئل ومعبراً عن كل ما شهد وذاكراً كل ما علم فاستدل بذلك على وجود جهله .

الحكمة ( 70 ) :  من رأيته مجيباً عن كل ما سئل ومعبراً عن كل ما شهد وذاكراً كل ما علم فاستدل بذلك على وجود جهله .

   أما وجه جهله في كونه مجيباً عن كل ما سئل فلما يقتضيه حاله من الأحاطة بالعلوم وقد قال تعالى :( وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً) فأي جهل أعظم ممن يعارض كلام الله ولما فيه أيضاً من التكلف وقد قال تعالى:( قل لا أسألكم عليه أجراً وما أنا من المتكلفين) وقال عليه الصلاة والسلام:" أنا وأتقياء أمتي برآء من التكلف" ولا يخلو صاحب التكلف من التصنع والتزين وهو من شأن الجهل بالله إذ لو كان عالماً به لأكتفى بعلمه وعرف قدره ففي بعض الأخبار:" عاش من عرف قدره" وسئل بعضهم عن العلم النافع فقال:" أن تعرف قدرك ولا تتعدي طورك" وقال في الأحياء: كان السلف الصالح يسئل أحدهم عن المسئلة الواحدة فيدفع السائل إلى غيره ثم يدفعه الثاني إلى آخر ثم كذلك حتى يرجع إلى الأول. وقد سئل مالك رحمه الله عن أثنتين وثلاثين مسئلة فأجاب عن ثلاث وقال في الباقي لا أدري فقال له السائل وما نقول للناس فقال قل لهم قال مالك لا أدري وأيضاً أجابة كل سائل جهل وضرر إذ قد يكون السائل متعنتا لا يستحق جواباً وقد تكون المسئلة التي سأل عنها لا تليق به لأنه لا يفهمها ولا يطيق معرفتها فتوقعه في الحيرة أو الأنكار وقد قال عليه الصلاة والسلام:" لا تؤتوا الحكمة غير أهلها فتظلموها ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم".

   وقال علي كرم الله وجهه:" حدث الناس بقدر ما يفهمون أتريدون أن يكذب الله ورسوله" وقد قيل للجنيد رضي الله عنه يسألك الرجلان فتجيب هذا بخلاف ما تجيب به هذا فقال:"الجواب على قدر السائل.وقال رجل لبعض العلماء وقد سأله فلم يجبه أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من كتم علماً نافعاً ألجم يوم القيامة بلجام من النار فقال له العالم أترك اللجام وأذهب فإن جاء من يستحقه وكتمته فليلجمني به ، وأما وجه جهله في كونه معبراً عن كل ما شهد من الكرامات وما وصل إليه من المقامات وما ذاقه من الأنوار والأسرار فلأن هذه الأمور أذواق باطنية وأسرار ربانية لا يفهمها إلا أربابها فذكرها لمن لا يفهمها ولا يذوقها جهل بقدرها وأيضاً هي أمانات وسر من أسرار الملك وسر الملك لا يحل أفشاؤه فمن أفشاه كان خائناً وأستحق الطرد والعقوبة ولا يصلح أن يكون أميناً بعد ذلك، فكتم الأسرار من شأن الأخيار، وهتك الأسرار من شأن الأشرار، وقد قالوا قلوب الأحرار قبور الأسراروفي أفشائها قلة عملها ونفعها في الباطن ففائدة هذه الأحوال والواردات الألهية هي محو الحسي وأظهار المعنى أو محو الشك وتقوية اليقين فإذا أفشاها ضعف أعمالها وقلت نتيجتها والخير كله في الكتمان في الحديث:" أستعينوا على قضاء حوائجكم بكتمانها" أو كما قال عليه السلام ،وينخرط في سلك الأحوال التي يجب كتمانها خرق عوائد النفوس فمن خرق عادة في نفسه فلا يفشي ذلك لغيره فإن في ذلك دسيسة لها لأنها تحب أن تذكر بالقوة والنجدة فيكون كلما قتل منها أحياه في ساعته وفيه أيضاً نقص الأخلاص وأدخال الرباء وهو سبب الهلاك والعياذ بالله وأما وجه جهله في كونه ذكراً لكل ما علم من الحقائق والعلوم والمعارف فلأنه جهل قدرها وأستخف شأنها فلو كانت عنده رفيعة عزيزة ما أفشاها لغيره إذ صاحب الكنز لا يبوح به وإلا سلبه من ساعته وأنظر قول شيخ شيوخنا المجذوب رضي الله عنه:
أحفر لسرك ودكو ... في الأرض سبعين قامه
وخل الخلائق يشكو ... إلى يوم القيامه

   وإذا كان الله تعالى يقول " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " فكيف بالعلم الذي هو لؤلؤ مكنون قال عليه الصلاة والسلام: "إن من العلم كهيئة المكنون لا يعرفه إلا العلماء بالله فإذا أظهروه أنكره أهل الغرة بالله" ، وقال أبو هريرة رضي الله عنه: "حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم جرابين من علم أما أحدهما فبثثته في الناس وأما الآخر فلو بثثته لقطع مني هذا البلعوم ".

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية