آخر الأخبار

جاري التحميل ...

من آداب المريد مع شيخه

يقول الشيخ سيدي حمزة بن العباس القادري البودشيشي رضي الله عنه: "عليكم بالأدب، فلا يسلم في طريق القوم إلا من أغرق في بحر من الأدب".

قال شهاب الدين السهروردي الشافعي رضي الله عنه:
أدب المريدين مع الشيوخ عند الصوفية من مهام الآداب؛ وللقوم في ذلك اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه،وقد قال الله تعالى: { يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُقَدِّمُوا بيْنَ يدي اللَّهِ ورَسُولِهِ واتَّقُوا اللهَ إنَّ اللهَ سميعٌ عليمٌ }.

إن الحجر الأساس للطريق الصوفي هو الأدب، المتجلي في الأدب مع الشيخ ، فالمريد لا يمكنه الترقي إلا باغترافه من بحر الأدب.

يقول أحد العارفين: " من لا أدبَ له، لا سيرَ له، ومن لا سيرَ له، لا وصولَ له"
قال أبو عبد الله بن حنيف: قال لي رويم: يا بني اجعل عملك ملحاً وأدبك دقيقاً.
وقيل: التصوف كله أدب؛ لكل وقت أدب، ولكل حال أدب، ولكل مقام أدب، فمن يلزم الأدب يبلغ مبلغ الرجال، ومن حرم الأدب فهو بعيد من حيث يظن القرب، ومردود من حيث يرجو القبول.
ومن ثَمَّ فمن لا أدب له مع شيخه، فلا وصول له إلى حضرته، فمكانة الشيخ المربي في التربية والتوجيه، مكانة عظيمة، يجب على المريد التأدب والتواضع والطاعة والامتثال.

الآداب نوعان: آداب باطنية وأخرى ظاهرية.

الآداب الباطنية:

أن يُصَدق شيخه في كل ما يقوله ويرويه، وأن لا يزن أقواله بميزان العقل الدنيوي، بل بالاعتقاد الروحي الإيماني، وأن يكون قلبه على قلب شيخه، موقنا في سريرته، على أنه صاحب الأهلية، والمرشد للحقيقة السرمدية، والمأذون بالإلهام الرباني، الحاصل على الكشف النوراني، ووارث السر المحمدي، في التقويم والتربية والإرشاد، إذ يجب أن يعرف أن تربية شيخه وصحبته له، فيها الخير الكثير والحكمة البالغة، لقوله تعالى:{يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا.وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} (البقرة 269).

الآداب الظاهرة:

من آداب المريد، إذا اتخذ شيخا- في التربية الصوفية - واصلا موصلا جامعا لأنواع السلوك أن لا يلتفت إلى سواه، وإن التفت فلا ينال ربحا ولو اتخذ ألف شيخ".
- "أن لا يكثر الجلوس مع الشيخ" والمعنى هنا، الامتثال بمغادرة المجلس إذا أمر الشيخ بذلك.
- "عدم الإكثار من الضحك مع الشيخ- أو في مجلسه-، وإن ضحك معه فليقصر هو، وليراع الأدب، وقد يكون ذلك من الشيخ اختبارا له لينظر مقامه في الأدب، فافهم" .
- "ألا يكثر الكلام بحضرة الشيخ" لأنَّ مَن كَثَرَ كلامُه قَـلَّ صوابُه.
- "أن لا يشكو اليه حوائج دنياه.
- "عدم إيصال الكلام القبيح للشيخ الذي يُغير قلبه، بل يكون كلامه كله خير وثناء على الفقراء.".
وينبغي للمريد كلما أشكل عليه شيء من حال الشيخ يذكر قصة سيدنا موسى مع الخضر عليهما السلام، كيف كان الخضر يفعل أشياء ينكرها سيدنا موسى، وإذا أخبره الخضر بسرها يرجع عن إنكاره، فما ينكره المريد لقلة علمه بحقيقة ما يوجد من الشيخ فللشيخ في كل شيء عذر بلسان العلم والحكمة. 
سأل بعض أصحاب الجنيد مسألة، فأجابه الجنيد، فعارضه في ذلك! فقال الجنيد: "فإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون".

من آدابهم:

قال أبو عثمان: صحبت أبا حفص وأنا غلام حدث، فطردني وقال: لا تجلس عندي، فلم أجعل مكافأتي له على كلامه أن أولي ظهري إليه، فانصرفت أمشي إلى خلف ووجهي مقابل له حتى غبت عنه واعتقدت أن أحفر لنفسي بئراً على بابه وأنزل وأقعد فيه ولا أخرج منه إلا بإذنه؛ فلما رأى ذلك مني قربني وقبلني وصيرني من خواص أصحابه إلى أن مات رحمه الله.
قال الجنيد رحمه الله: رأيت مع أبـي حفص النيسابوري إنساناً كثير الصمت لا يتكلم، فقلت لأصحابه: من هذا؟ فقيل له: هذا إنسان يصحب أبا حفص ويخدمنا، وقد أنفق عليه مائة ألف درهم كانت له واستدان مائة ألف أخرى أنفقها عليه ما يسوغ له أبو حفص أن يتكلم بكلمة واحدة. 

هذه كانت بعض من آداب المريد السالك، الواجبة على كل محب صادق، فإذا كانت زيارة المربي ترقي وتربي كما قيل، فإن التحلي بتلك الآداب مع الشيخ المربي تزكي وتنقي.

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية