نفحات الطريق

يعنى الموقع بالتأصيل الشرعي للتصوف المقتبس من مشكاة نور النبوة والتعريف بمقامات وأعلام الصوفية. إلى جانب نشر كتب ورسائل عن التصوف.

آخر الأخبار

random
جاري التحميل ...

مصطلحات صوفية :الاتباع - المتابعة.

الاتباع - المتابعة

في اللغة

" تَبِعَ الطالب أستاذه : حذا حذوه واقتدى به .

اتَّبَعَهُ : سار وراءه وتطلَّبَه .
اتَّبَعَ القرآن والحديث : عمل بما فيهما .
تابِعِيّ : من لقي الصحابة مؤمناً بالنبي ومات على الإسلام ".

في القرآن الكريم

وردت هذه اللفظة في القرآن الكريم (172) مرة بمشتقاتها المختلفة ، منها قوله تعالى :(واتَّبِعْ سَبيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ ) .

في الاصطلاح الصوفي

الشيخ أحمد السرهندي
يقول : " الاتباع : هو إتيان أحكام الإسلام ، وإجراؤها بين الأنام ، ورفع رسوم الكفر وإبطالها ودفعها عن الخاص والعام ".
الشيخ سعيد النورسي
يقول : " الاتباع : هو تحري المسلم السنة السنية واتباعها وتقليدها في جميع تصريفاته وأعماله ، والاستهداء بالأحكام الشرعية في جميع معاملاته وأفعاله ... اتباع السنة المطهرة هو طريق الولاية الكبرى ، وهو طريق ورثة النبوة من الصحابة الكرام والسلف الصالح ".
في اصطلاح الكسنزان
نقول : " الاتباع : هو التسليم الكامل لله تعالى بين يدي أولي الأمر المشايخ الكاملين في الدين بالإعراض عن الاعتراض في الأمور كلها لقوله تعالى على لسان عبده الصالح الخضرعليه السلام : ( فَإِنِ اتَّبَعْتَني فَلا تَسْأَلْني عَنْ شَيْءٍ حَتّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً ) .
وحقيقة هذا الاتباع : هي فناء التابع في المتبوع بالتسليم الكامل المطلق له ظاهراً
وباطناً ، فأما ظاهراً فبإقتدائه بكل حركات شيخه وسكناته وأخلاقه وصفاته ، وأما باطناً بأن لا تغيب صورة الشيخ المتبوع عن قلب التابع ولو للحظة فيحصل الانتساب الروحي الذي ذكره تعالى على لسان إبراهيم عليه السلام حين قال : ( فَمَنْ تَبِعَني فَإِنَّهُ مِنّي ).
" من اتبع أحب ومن أحب اتبع ، فالإتباع ظاهر المحبة والمحبة باطن الاتباع ، فلا اتباع بلا محبة ولا محبة بلا اتباع ، ومن ظن خلاف ذلك بأن يستطيع الاتباع بلا محبة فهو منافق كذاب .
" الاتباع على ثلاث مراتب :
اتباع الشيخ : وهو قول موسى للخضر {عليه السلام} : (هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمّا عُلِّمْتَ رُشْداً ) ، وهذا الاتباع يوصل إلى المرتبة الثانية : وهي محبة واتباع حضرة الرسول الأعظم سيدنا محمد ، واتباع الرسول يوصل إلى المرتبة الثالثة : وهي محبة الله تعالى : ( إِنْ كُنْتُمْ تُحِبّونَ اللَّهَ فاتَّبِعوني يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ) .

إضافات وإيضاحات

 مسألة -  : في صورة المتابعة وحقيقتها
يقول الشيخ قطب الدين البكري الدمشقي
" المتابعة صورة ، وحقيقتها : العبودية ، ولا يتصور انقطاع العبودية التي هي اللب ولا المتابعة التي هي الصورة لا في الدنيا ولا في الآخرة " .

 مسألة -  : في درجات الاتباع
يقول الشيخ نجم الدين داية الرازي :
 الاتباع ثلاث درجات :
- فالأولى : درجة عوام المؤمنين ، وهي متابعة أعماله .
- والثانية : درجة الخواص ، وهي متابعة أخلاقه .
- والثالثة : درجة أخص الخواص ، وهي متابعة أحواله .
ويقول الشيخ أحمد السرهندي :
" إن لمتابعة النبي التي هي رأس كل سعادة دينية ودنيوية درجات ومراتب :
الدرجة الأولى : لعوام أهل الإسلام : من إتيان الأحكام الشرعية ، ومتابعة السنة السنية بعد تصديق القلب وقبل اطمئنان النفس الذي هو مربوط بدرجة الولاية . وعلماء الظاهر والعباد والزهاد والذين لم تبلغ معاملتهم مرتبة اطمئنان النفس كلهم شركاء في هذه الدرجة من المتابعة ، وكلهم متساوية الأقدام في صورة الاتباع ، وحيث أن النفس لم تتخلص في هذا المقام من كفره وإنكاره لا جرم تكون هذه الدرجة مخصوصة بصورة المتابعة ، وصورة المتابعة هذه كحقيقة المتابعة موجبة للفلاح ونجاة الآخرة ومنجية من عذاب النار ، ومبشرة بدخول الجنة ، ومن كمال كرمه  لم يعتبر إنكار النفس بل اكتفى بتصديق القلب وجعل النجاة مربوطة بذلك التصديق .

الدرجة الثانية من المتابعة : اتباع أقواله وأعماله التي تتعلق بالباطن : من تهذيب الأخلاق ، ورفع رذائل الصفات ، وإزالة الأمراض الباطنية والعلل والمعنوية مما يتعلق بمقام الطريقة ، وهذه الدرجة من الاتباع مخصوصة بأرباب السلوك الذين يقطعون بوادي السير إلى الله ومفاوزه ، آخذين طريقة الصوفية من شيخ مقتدي .

الدرجة الثالثة من المتابعة : اتباع أحواله وأذواقه ومواجيده التي تتعلق بمقام الولاية الخاصة ، وهذه الدرجة مخصوصة بأرباب الولاية سواء كان مجذوباً سالكاً أوسالكاً مجذوباً ، فإذا انتهت مرتبة الولاية إلى آخرها فقد صارت النفس مطمئنة وامتنعت من المعاندة والطغيان وانتقلت من الإنكار إلى الإقرار ، ومن الكفر إلى الإسلام ...

والدرجة الرابعة من المتابعة : وكانت في الدرجة الأولى صورة هذه المتابعة وهنا حقيقة الاتباع ، وهذه الدرجة الرابعة من الاتباع مخصوصة بالعلماء الراسخين ، شكر الله تعالى سعيهم ، فإنهم يتحققون بدولة المتابعة بعد اطمئنان النفس وإن حصل نحو من اطمئنان النفس للأولياء ( قدس الله تعالى أسرارهم ) بعد تمكين القلب ، ولكن كمال الاطمئنان يحصل للنفس في تحصيل كمالات النبوة التي للعلماء منها نصيب بطريق الوراثة ، فيكون العلماء الراسخون متحققين بحقيقة الشريعة التي هي حقيقة الاتباع بواسطة كمال اطمئنان النفس ، وحيث فقد هذا الكمال في غيرهم يتلبسون احياناً بصورة الشريعة ، وآونة يتحققون بحقيقة الشريعة...

والدرجة الخامسة من المتابعة : اتباع كمالاته ولا مدخل للعلم والعمل في حصول تلك الكمالات ، بل حصولها مربوط بمحض فضل الحق وإحسانه عز وجل، وهذه الدرجة عالية جداً لا مساس للدرجات السابقة بها ، وهذه الكمالات مخصوصة بالأنبياء أولي العزم بالأصالة ويشرف بها بالتبعية والوراثة كل من أريد له ذلك .

الدرجة السادسة من المتابعة : اتباعه في كمال مخصوص بمقام محبوبيته ، وكما أن إفاضة الكمالات في الدرجة الخامسة كانت بمجرد الفضل والإحسان ، كذلك في الدرجة السادسة إفاضة كمالاتها بمجرد المحبة التي فوق التفضل والإحسان ، ومن هذه الدرجة أيضاً نصيب لأقل قليل . وهذه الدرجات الخمس من درجات المتابعة غير الدرجة الأولى وكلها تتعلق بمقامات العروج وحصولها مربوط بالصعود .

الدرجة السابعة : متابعة تتعلق بالنزول والهبوط ، وهذه الدرجة جامعة لجميع الدرجات السابقة ، فإن في هذا الموطن ، يعني : موطن النزول ، تصديق القلب وتمكينه ، واطمئنان النفس ، واعتدال أجزاء القالب لامتناعها وانتهائها عن الطغيان والعناد ، وكأن الدرجات السابقة كانت أجزاء هذه المتابعة ، وهذه الدرجة كالكل لتلك الأجزاء . ويحصل للتابع في هذا المقام شباهة بالمتبوع على نهج كأنه قد ارتفع اسم التبعية من البين ، وزال امتياز التابع والمتبوع وبتوهم أن التابع كلما يأخذه من الأصل كالمتبوع وكأن كليهما يشربان من عين واحد ".

- مسألة : في أصناف المتابعة ومواريثها

يقول الشيخ إسماعيل حقي البروسوي :
" يقال : أن متابعة سبعة أصناف أورثت سبعة أشياء :
الأول : أن متابعة النفس أورثت الندامة ، كما قال تعالى في قتل هابيل :
والثاني : أن متابعة الهوى أورثت البعد ، كما قال لبلعام : ( واتَّبَعَ هَواهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ ) يعني في البعد والخساسة .
والثالث : أن متابعة الشهوات أورثت الكفر ، كما قال تعالى :
والرابع : أن متابعة فرعون أورثت الغرق في الدنيا والحرق في الآخرة ، كما قال تعالى : (فاتَّبَعوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ) إلى قوله : ( فَأَوْرَدَهُمُ النّارَ ) .

والخامس : أن متابعة القادة الضالة أورثت الحسرة ، كما قال تعالى :
والسادس : أن محبة النبي أورثت المحبة ، كما قال الله تعالى :
مسألة -: في مراتب الاتباع
يقول الشيخ محمد النبهان :
" للاتباع مرتبتان :
أ- اتباع : أي القيام بالفعل والعمل الصالح
ب- الحضور : ( الرابطة ) تذكر المرجع في الفكر عند القيام ".

- مسألة : أقسام الاتباع


يقول الغوث الأعظم عبد القادر الكيلاني :
" اتباع الأمر على قسمين :
أحدهما : أن تأخذ من الدنيا القوت الذي هو حق النفس ، وتترك الحظ ، وتؤدي الفرض ، وتشتغل بترك الذنوب ما ظهر منها وما بطن .
والقسم الثاني : ما كان بأمر باطن ، وهو أمر الحق ـ عز وجل ـ يأمر عبده وينهاه . وإنما يتحقق هذا الأمر في المباح الذي ليس له حكم في الشرع ... فلا يحدث العبد فيه شيئاً من عنده بل ينتظر الأمر فيه ، فإذا أمر امتثل فتصير حركاته وسكناته بالله ـ عز وجل ـ ..."

- مسألة : المتابعة وأثرها في الاتصال

يقول الشيخ ابن عطاء الله السكندري :
" المتابعة تجعل التابع كأنه جزء من المتبوع وإن كان أجنبياً كسلمان الفارسي رضى الله عنه لقوله :( سلمان منا أهل البيت ) . ومعلوم أن سلمان من أهل فارس ، ولكن بالمتابعة قال عنه تعليماً ، فكما إن المتابعة تثبت الاتصال كذلك عدمها يثبت 
الانفصال ، وقد جمع الله الخير كله في بيت ، وجعل مفاتحه متابعة النبي ، فتابعه بالقناعة بما رزقك الله تعالى والزهد والتقلل من الدنيا وترك ما لا يعني من قول وفعل ، فمن فتح له باب المتابعة فذلك دليل على محبة الله له ".

- مسألة : في حالات اتباع الأمر

الغوث الأعظم عبد القادر الكيلاني :
ذكر الغوث أن اتباع الأمر يكون في حالتين ، حالة الحقيقة وحالة حق الحقيقة ، فقال :
" إن كنت في حالة الحقيقة : وهي حالة الولاية ، فخالف هواك ، واتبع الأمر في
الجملة ... وإن كنت في حالة حق الحق : وهي حالة المحو والفناء وهي حالة الأبدال المنكسري القلوب لأجله ، الموحدين العارفين أرباب العلوم والعقل ، السادة الأمراء ، الشحن ، خفراء الخلق ، خلفاء الرحمن ، وأخلائه وأعيانه وأحبائه عليهم السلام ، فاتباع الأمر فيها بمخالفتك إياك بالتبري من الحول والقوة ، وأن لا يكون لك إرادة وهمة في شيء البتة دنيا وعقبى ".

- مسألة : في أشرفية مقام متابعة الحبيب المصطفى

يقول الشيخ ابن عطاء الأدمي :
" لا مقام أشرف من مقام متابعة الحبيب في أوامره وأفعاله وأخلاقه ، والتأدب بآدابه قولاً وفعلاً ، وعزماً وعقداً ونية ".

- مسألة : في بركات متابعة رسول الله

يقول الشيخ عبد الله اليافعي :
" قد تكون للأولياء أنواع من الكرامات كسماع الهواتف من الهواء ، والنداء من بواطنهم ، وتطوى لهم الأرض ، وقد تنقلب لهم الأعيان ، وقد ينكشف لهم ما في الضمير ، ويعلمون بعض الحوادث قبل تكونها من بركة متابعتهم رسول الله ، فأوفر الناس حظاً من الصحبة والقرب والعبودية أوفرهم حظاً من متابعة رسول الله ، قال الله تعالى :

موسوعة الكسنزان فيما اصطلح عليه اهل التصوف والعرفان

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق