الأصل الأول : في دليله من الكتاب
قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا) وقال تعالى :(الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ) وقال تعالى :( وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) وقال تعالى :(فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ) وقال تعالى :(الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) وقال تعالى :(وَاذْكُر رَّبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ) وقال تعالى :(وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ).
الأصل الثاني : في دليله من السُّنَّة.
الأصل الثاني : في دليله من السُّنَّة.
فيما ورد في فضل الذكر والاجتماع عليه :
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : خَرَجَ مُعَاوِيَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى حَلْقَةٍ فِي الْمَسْجِدِ ، فَقَالَ : مَا أَجْلَسَكُمْ ؟ قَالُوا : جَلَسْنَا نَذْكُرُ اللَّهَ ، قَالَ : آللَّهُ ، مَا أَجْلَسَكُمْ إِلا ذَلِكَ ؟ قَالُوا : وَاللَّهِ مَا أَجْلَسَنَا إِلا ذَلِكَ ، قَالَ : أَمَا إِنِّي لَمْ أَسْتَحْلِفْكُمْ تُهْمَةً لَكُمْ ، وَمَا كَانَ أَحَدٌ بِمَنْزِلَتِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَلَّ عَنْهُ حَدِيثًا مِنِّي ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَلَى حَلْقَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ ، فَقَالَ : " مَا أَجْلَسَكُمْ ؟ قَالُوا : جَلَسْنَا نَذْكُرُ اللَّهَ وَنَحْمَدُهُ عَلَى مَا هَدَانَا لِلإِسْلامِ ، وَمَنَّ عَلَيْنَا بِكَ ، قَالَ : آللَّهُ مَا أَجْلَسَكُمْ إِلا ذَلِكَ ؟ قَالُوا : وَاللَّهِ مَا أَجْلَسَنَا إِلا ذَلِكَ ، قَالَ : أَمَا إِنِّي لَمْ أَسْتَحْلِفْكُمْ تُهْمَةً لَكُمْ ، وَلَكِنَّهُ أَتَانِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ فَأَخْبَرَنِي أَنَّ اللَّهَ يُبَاهِي بِكُمُ الْمَلائِكَةَ " أخرجه مسلم والترمذي وأخرجه النسائي المسند منه فقط وزاد رزين قال : ثم حدثنا فقال :"مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيُدَارسُونَهُ بَيْنَهُمْ،ويذكرون الله إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ".
عن أبي مسلم الأغر قال : أشهد على أبي هريرة وأبي سعيد أنهما شهدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :"لا يقعد قَوْم يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا حَفَّتْهم المَلَائِكَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ" . أخرجه مسلم والترمذي والسكينة من السكون والطمأنينة.
قال القاضي عياض في قوله صلى الله عليه وسلم :"تلك السكينة نزلت لقراءة القرآن" هي الرحمة وقيل الطمأنينة وقيل الوقار وما يسكن به الإنسان مخففة الكاف هذا هو المعروف. وحُكي عن بعض اللغويين فيها التشديد . وذُكرَ عن الفراء والكسائي وقد يحتمل أنّ التي تنزلت لقراءة القرآن السكينة التي ذكر الله بقوله :(سَكينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ). وقد قيل : إنها سر كالريح، وقيل : حلق وجه كوجه الإنسانن وقيل : روح من يكلمهم ويهديهم إذا اختلفوا عن شيء، وقيل فيه غير هذا وما ذكر ما يحتمل أن ينزل مل هذا على مَن قرأ القرآن، أو يجمع للذكر لأنها من جملة الروح والملائكة والله أعلم.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسِيرُ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ فَمَرَّ عَلَى جَبَلٍ يُقَالُ لَهُ حَمْدَانُ ، فَقَالَ : " سِيرُوا ، هَذَا حَمْدَانُ سَبَقَ الْمُفَرِّدُونِ " ، قَالُوا : وَمَا الْمُفَرِّدُونَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : " الذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا " .هذه رواية مسلم.
وفي رواية الترمذي قالوا يا رسول الله : وما الْمُفَرِّدُونَ ؟ قال :"المستهترون بذكر الله يضع الذكر عنهم أثقالهم فيأتون يوم القيامة خفافاً".
الْمُفَرِّدُونَ : الذين تفرّدوا بذكر الله، وقيل : هم الذين هلك أترابهم من الناس وذهب القرن الذين كانوا فيه وبقوا بعدهم، فهم يذكرون الله. والمستهتر بالشيء المولع به المواظب عليه عن حب ورغبة فيه وقال القاضي عياض في المشارق : وقال ابن الإعرابي : يقال فرد الرجل بتشديد الراء، إذا تفقّه واعتزل الناس وخلا بنفسه وحده مُراعياً للأمر والنهي، قال الأزهري : هم الذين تخلّوا بذكر الله لا يخلطون به غيره. وقيل : معنى اهتروا أصابهم خبال. وقيل المفردون الموحدون الذين لا يذكرون إلا الله أخلصوا الله عبادتهم. ويقال : معناه مثل قولهم فني فلان في طاعة الله أي لم يزل مداوماً لها، حتى فني بالهرم وذهاب القوّة.
وقيل : معنى اهتروا أولعوا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً يَطُوفُونَ فِي الطُّرُقِ يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ الذِّكْرِ ، فَإِذَا وَجَدُوا قَوْمًا يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَنَادَوْا : هَلُمُّوا إِلَى حَاجَتِكُمْ ، قَالَ : فَيَحُفُّونَهُمْ بِأَجْنِحَتِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا ، قَالَ : فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ مِنْهُمْ مَا يَقُولُ عِبَادِي ؟ قَالُوا : يَقُولُونَ يُسَبِّحُونَكَ ، وَيُكَبِّرُونَكَ ، وَيَحْمَدُونَكَ ، وَيُمَجِّدُونَكَ ، قَالَ : فَيَقُولُ : هَلْ رَأَوْنِي ؟ قَالَ : فَيَقُولُونَ : لَا وَاللَّهِ مَا رَأَوْكَ ، قَالَ : فَيَقُولُ : وَكَيْفَ لَوْ رَأَوْنِي ؟ قَالَ : يَقُولُونَ : لَوْ رَأَوْكَ كَانُوا أَشَدَّ لَكَ عِبَادَةً ، وَأَشَدَّ لَكَ تَمْجِيدًا ، وَتَحْمِيدًا ، وَأَكْثَرَ لَكَ تَسْبِيحًا ، قَالَ : يَقُولُ : فَمَا يَسْأَلُونِي ؟ قَالَ : يَسْأَلُونَكَ الْجَنَّةَ ، قَالَ : يَقُولُ : وَهَلْ رَأَوْهَا ؟ قَالَ : يَقُولُونَ : لَا ، وَاللَّهِ يَا رَبِّ مَا رَأَوْهَا ، قَالَ : يَقُولُ : فَكَيْفَ لَوْ أَنَّهُمْ رَأَوْهَا ؟ قَالَ : يَقُولُونَ : لَوْ أَنَّهُمْ رَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ عَلَيْهَا حِرْصًا ، وَأَشَدَّ لَهَا طَلَبًا ، وَأَعْظَمَ فِيهَا رَغْبَةً ، قَالَ : فَمِمَّ يَتَعَوَّذُونَ ؟ قَالَ : يَقُولُونَ : مِنَ النَّارِ ، قَالَ : يَقُولُ : وَهَلْ رَأَوْهَا ؟ قَالَ : يَقُولُونَ : لَا ، وَاللَّهِ يَا رَبِّ مَا رَأَوْهَا ، قَالَ : يَقُولُ : فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا ؟ قَالَ : يَقُولُونَ : لَوْ رَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ مِنْهَا فِرَارًا ، وَأَشَدَّ لَهَا مَخَافَةً ، قَالَ : فَيَقُولُ : فَأُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ ، قَالَ : يَقُولُ : مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ : فِيهِمْ فُلَانٌ لَيْسَ مِنْهُمْ إِنَّمَا جَاءَ لِحَاجَةٍ ، قَالَ : هُمُ الْجُلَسَاءُ لَا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ ".وعن أنس - رضي الله عنه - ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا " قالوا : وما رياض الجنة ؟ قال : " حلق الذكر " ( رواه الترمذي ) .
وعن الإمام أحمد رُويَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ " إِنَّ الشَّيْطَانَ طَافَ بِأَهْلِ مَجْلِسِ الذِّكْرِ لِيَفْتِنَهُمْ فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمْ ، فَأَتَى حَلْقَةً يَذْكُرُونَ الدُّنْيَا فَأَغْرَى بَيْنَهُمْ حَتَّى اقْتَتَلُوا ، فَقَامَ أَهْلُ الذِّكْرِ فَحَجَزُوا بَيْنَهُمْ فَتَفَرَّقُوا " .