آخر الأخبار

جاري التحميل ...

الجمال في الاصطلاح الصوفي

الجمال في الاصطلاح الصوفي

يقول البقلي : أن الكشف عن الجمال من جهة العارف يديم له العزم في السير إلى الحقيقة ومن خلاله يطيق العارف السير في الصفات والاستقامة في رؤية القدم والبقاء، يقال : أن عملية مشاهدة الجمال توجب السكر والوجد والهيجان.

فالعارف يبقى يتقلب في أودية الجمال حتى يذوب فيه، ويتحقق به. فيكون عنوانا مهما من عناوين جمال الحق، ومدرسة مهمة من مدارس الجمال، وكهف من كهوف جمال الحق يلجأ إليه كل من استوحش طريق الجهالة والأغيار.

ويرى القاشاني، عبد الرزاق: أن جمال الجلال هو الحضرة التي تجلى بها الحق تعالى لعباده، وباعتبارها صحت المعرفة له، وأهل العبيد لعبادته كما قيل :

جمالك في كل الحقائق سافر       وليس له إلا جلالك سائر

وبجماله ظهر لخلقه بخلقه، وبجلاله حجبهم عن معرفته، فالجمال سافر والجلال ساتر، ولما كان الجلال معنى يرجع منه إليه، بحيث لا يصح لغيره أن يراه فيه لانفراده تعالى، بحضرة جلاله، لم يكن الجلال هو جلال الجمال بعينه. 

وحين يقول القاشاني بجماله ظهر لخلقه بخلقه، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم أو الولي المرشد الكامل هو خير مظهر لجمال الحق تعالى. 

وفي جمال السالكين يرى محمد ماضي أبو العزائم: جمال السالكين: هو تحلية القلب بمراقبة الآيات الدالة على كمال عناية الحق بالإنسان، والتفكر في بديع الصنعة، وما أمد الله به الإنسان من الإيجاد، لتنكشف لقلبه بعض نعم الله ومننه، وإكرامه وإحسانه، ثم يشعر قلبه أن هذا الجمال وتلك المنن والنعم في هذا الكون إنما جعلت ليستعين بها، ويستعملها في وجوه التقرب إلى الله، وإطاعة أوامره، واجتناب نواهيه، لينتقل بها منها إلى الجمال الحقيقي.

الجمال : مرتبة من مراتب الوجود تنزلت من الجلال لتعم الوجود ومراتبه جميعا فما من شيء ظهر في الوجود، وهو دون مرتبة الجمال إلا وقد أخذ حصته وتخصيصه من الجمال فظهرت المراتب الخلقية جميعها حاملة للجمال في الظاهر والمعنى، فالجمال تجلي إلهي في مراتب الوجود؛ لأن الله تعال خلق الكون على صورة جماله فخرج الكون جملة وتفصيلا على صورة جمال الحق تعالى، كما جاء في الحديث الشريف :(إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ) ولما أحب الحق تعالى أن يُعرف، وهو جميل يحب الجمال؛ فكانت إرادته في الحب موصوفة بالجمال توجها وإيجادا، وهذا يعني أن ليس في الوجود إلا الحب والجمال، وللجمال دور كبير في عملية الحب؛ ذلك لأن سبب ميل القلب إلى جهة من يحب واعز الجمال، فالجمال محل جذب وميل القلب إلى تلك الجهة، إذ ليس من المعقول أن يكون القبح وسيلة للمحبة إلا إذا كان القبح له وجود من أجل المناسبة، والتفاضل، والاعتبار، أي : حين يخير المرء بين شيء وآخر فيختار الأجمل، فيكون الآخر بالنسبة إلى الأجمل قبيحا أو أقل جمالا.

جعل الله تعالى الجمال صفة ملازمة لجميع مراتب الوجود من أجل أن يؤدي هذا الجمال وظيفة وتجربة عشقية تعطي خبرة، وتجربة تصاعدية، أو معراجية تجاه المحبة السامية التي تليق بجناب الحق تعالى لتؤدي غرضها في عملية الفناء بالحق تعالى.

الروح الصوفي: 
جمالية الشيخ في زمن التيه

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية