كتاب منقول عن مخطوطة
العنوان : كتاب في التصوف
المؤلف : بدون مؤلف
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله العالي الكبير، اللّطيف الخبير، الغفور الرحيم، الواسع العليم، ذو الفضل العظيم، إله لا يُرجا سواه، ولا يُعبد إلاّ إيّاه، أنعامُهُ لا تُعدُّ، وأفضالهُ لا تُحدّ، سبحانه من إله ما أعظمه، ومن عزيزٍ ما أكرمه، ومِن لطيفٍ ما أرحمه، ليس له شريك في ملكه، ولا معارض في حكمه، قادرٌ قاهرٌ ليس لذاته صفات، فلا لصفاته ذات ولا لقيموميّته بداية، ولا لديموميّته نهاية، جلّ عن المأييّة والأينيّة والكيفيّة، وتعالى عن المناسَبَة والمشاركَة والجنسيّة، وتقدّس عن مجاري مواقع التَّقديس والتَّنزيه، وتفرَّد بالعظمَة والقدرة والتّالية، فليس له ضدٌّ ولا ندٌّ، ولا عديل ولا شبيه، أحمدُه حمداً دائماً بدوامِ ملكِهِ وإنعامه، حَمدَ من يرجو رضاهُ ورحمتهُ، ويخاف سخطه وانتقامه، وأشهد أنَّ لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، شهادةً أعدها للقاه، يوم لا ينفع العبد إلاّ ما قدّمت يداه، وأشهد أنّ محمّدا عبدهُ ورسولُه، ختمَ به الأنبياء واختارُه من جميع خلقه واصطفاه، صلى الله عليه وعلى آله إلى يوم نلقاه، وسلَّم تسليماً.
أمَّا بَعد : فإني جمعتُ في كتابي هذا مناقب جميلة من المحامِد، وبيّنت فيه من أضدادها ما يكفي المُتحرّز منها زاد ليوم المعاد. وجعلت ذلك أبواب مسرودة عِدادا اقتداءً بمن سبقني إلى ذلك وله الفضل. وأعقُب ذلك فضلٌ شامل، في معرفة أحوال الدنيا الفانية، وانكشاف عيوبها أقالنا الله غرورها وجنّبنا محظورها، وهي عشرة أبواب :
الباب الأول : فيما تيسّر في واحد وهو :عليك بالعقل فإنّه جمال مَنْ لا جمال له. وعليك بالعلم فإنّه مال من لا مال له. عليك بالتقوى فإنّها حرزٌ من لا حرزَله. عليك بالطّاعة فإنها عزَّ من لا عزَّ له. عليك بالحلم فإنّه وقار مَن لا وقار له. عليك بالصّبر فإنّه مطيّة الظفر. عليك بالرّضا بمواقع القضا فإنّه يهوِّن المصيبة. عليك بحُسن التَّسليم إلى مجاري الأقدار فإنه مُراد الله من عباده. عليك بالصدقة فإنها تدفع البلاء وتزكّي الأموال. عليك بالحقّ فإنه حصنٌ منيع. عليك بالخوف من الله تعالى فإنه يسبب التعلّق بمطالع الرحمة. عليك بكتم السرّ فإنه يعين على قضاء الحوائج. عليك بإيثار الأدب فإنّه يؤكّدُ المحبّة ويديم الصّحبة. عليك بالشكر فإنّه يديم النعمة. عليك بالرزق الحلال فإنّه مُبارك ولو قلَّ. عليك بحسن المدارة لكل أحد فإنّها مقرَّ هنوات العيش. عليك بالمروّة فإنّها تُحبِّب فيك كل أحد. عليك بالكرم فإنّه يُجْمِل الذّكر ويُغطّي العُيُوب. عليك بالأمانة فإنها ترفع الأقدار وتُزيِّن الأحرار. عليك بالإنصاف فإنّها حالةٌ جميلة وخصلةٌ جليلة. عليك بصُحبة الأخيار فإنّها أمانٌ من العار ووقاية من الدّمار.