آخر الأخبار

جاري التحميل ...

البعد التوحيدي للذكر في الإسلام (الوسيلة والغاية)

البعد التوحيدي للذكر في الإسلام (الوسيلة والغاية)

بسم الله الرحمن الرحيم
   والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.

الإهداء.
إلى من ذكرني بالله تذكير رؤية بدل تكلف الشعارات وصياغة الآراء. وبالوجد والحال عوض الخوض في المراء والجدال وبعمل الذكر قبل الإستئناس بأماني الفكر. وبالأخلاق ممزوجة بالأذواق.
إلى السيد الصادق في حاله ومقاله شيخي وأستاذي سيدي:
أهدي هذه الثمرة المتواضعة من فيض طيبه ونسيم حضرته المستفاد من صدق صحبته، حتى جعل حالي من لغة البوارق والإشارات فلا أستطيع أن أجد لوصفه العبارات. فقلت بلسان حالي أو قال من شرب من نفس هذا المعين الغالي :
نطقـت بلا نطق هو النطـق أنـــه      لك النطق لفظا أو يبين عن النـطق

تراءيت كي أخفى وقد كنت خافيا    وألمعت لي برقا فأنطقت بالبـرق
فجزاه الله عني خيرا من شيخ مربي ودال على الله صادق . وأطال عمره لإفادة الأمة الإسلامية من بحر معرفته.
          الفقير الى الله يريد وجهه : محمد بنيعيش
**    **    **
بسم الله الرحمن الرحيم

« اللهم صل على سيدنا محمد النبي المليـح صاحب المقام الأعـلى واللسان الفصيح وعلى آله وصحبه وسلم تسليما»
مقدمـة :
في خضم مستجدات العصر بكل مظاهره العلمية والتقنية والإقتصادية والإجتماعية والسياسية وتشكلاتها النوعية الحالية يطرح مشكل الإنسان مع ذاته ومع مجتمعه وماله وبيئته، وهو مشكل يتسم طرحه بصيغة القلق والإضطراب و إسقاطات الوهم في البحث عن ماء الحياة بين خداعات السراب. إذ يهرع أغلب المنظرين والتقنيين من اقتصاديين ونفسيين واجتماعيين وسياسيين الى إيجاد حلول لتحقيق ارتواء بها لا يزيد الإنسان سوى عطش مزمن لا يستطيع بعده حراكا رغم وجود الماء في يده. كالذي يبسط يديه الى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه، لأن التناسب غير موجود بين الإنسان وإرادته، فكيف يؤثر في غيره. أم كيف يحافظ على بيئته ومجتمعه؟

فالإنسان جزء لا يتجزء من بيئته، وهو أخص من الجماد والحيوان. وإذا تساوى الإنسان مع أخيه الإنسان. فالأخص منه هو ذاك الذي يحافظ على وحدة كيانه. باعتباره كلا متجزئا من جهة وغير متجزئ من جهة أخرى. وذلك لأن له روحا له خصوصيته وجسدا له اعضاؤه وحواسه. ثم باعتباره إنسانا مكونا من روح وجسد. إذا اعتل روحه اعتل بذلك جسده وليس العكس، لأن الروح له خصوصيته التي هي فوق مستوى التجزؤ الجسدي وتحلله. ولهذا فيبقى دائما هو الأساس الأول في سعادة الإنسان وسلامة كيانه إن هو حافظ على صحته ووظف لمصلحة الإنسان وهو في أرقى تكوينه: كما قال الله تعالى:  «لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ».
فكان على الجسد أن يخدم الروح لا أن الروح تصبح خادمة للجسد. لأن في خدمة الروح للجسد استهلاك للطاقة والزمن الإنساني. أما خدمة الجسد للروح ففيها استثمار له وتوليد لطاقته. وشتان الموازنة بين الإستهلاك والإستثمار في هذا المضمار!.

وهذا الكتاب المتواضع يحاول أن ينبه أو يذكر بموضوع طالما اعتبر نافلة من جهة الفكر والعمل الروحي ومنهج الدعوة في عصرنا، بينما هو فرض الفرائض وشرط الشروط لنجاح الدعوة الى الله تعالى ولتحقيق سعادة الإنسان على كل مستوياته الروحية و الفكرية والمادية، لا يستغني عنه الغني دون الفقير ولا المثقف دون الأمي. ولا العالم دون الجاهل ولا الحاكم دون المحكوم. ولا الأستاذ دون الطالب. ولا الأبيض دون الأسود ولا الرجل دون المرأة إلخ... إذ الكل مطالب به ومحتاج إليه احتياج افتقار واضطرار لضمان الإستمرار وتحقيق الإستثمار الأبدي الخالد للزمن الإنساني. إنه موضوع ذكر الله تعالى المنقذ الوحيد بشروطه اللازمة للبشرية مما تتردى فيه من ويلات التيه والزيغان ومن آفات التلوث والتناكر و العصيان. حتى انقلب التصور الى ضد مصلحته وأصبحت القيم توزن على نقيض غايتها، لأن السيل في التلوث قد بلغ الزبى باختراق الفاسد لحدود الصالح ولم يبق من وسيلة للتطهير بعد هذا الوضع الذي آل إليه مصير أغلب أفراد النوع الإنساني سوى الإغتسال بماء الحياة لإنقاذه من هذه الطامة العظمى والبلية الكبرى والتي إذا لم تستدرك عمت فحق بعدها العذاب والهلاك الأبدي الذي لا ينفع معه استثمار الأجساد، ولا تقنيات المواصلات المادية وتوليد الكهرباء والطاقات، أوضبط التيارات بالسدود والتصرف فيها بحدود، لأن طاقة الإنسان قد استهلكت واستهلك أهم ما فيها وهو روحه الذي كان أصلا غير قابل للإستهلاك، حتى أصبح المال الذي كان من الواجب أن يخدممصلحة الإنسان ويوفر له الإستقرار للإستثمار الروحي سبب الموت والخراب والقلق النفسي لديه. وأصبح العلم بعدما كان شرفا للإنسان وسيلة هدم وانحراف وغفلة له عن حقيقة وجوده وغايته!
فهل من وصفة جذرية علاجية لهذا المرض العضال الذي أصبحت تتردى فيه الإنسانية دون مؤشرات على الإستدراك بالدواء المناسب لمرض العصر؟
وهل من وسيلة لتوحيد طاقات الإنسان المهدورة حتى تستثمر في محلها وتصبح منتجة من أجل البقاء لا من أجل الفناء؟
إن الإجابة عن هذه التساؤلات وغيرها مما هو مجال انشغال المهتمين بأدواء العصر يطرح بعضها هذا الكتاب باسلوب فكري مطبوع بذوقية روحية مستقاة من التجربة الطويلة نسبيا في حقل الإستثمار الخاص بالإنسان ككائن مسؤول في هذا الكون مسؤولية حمل الأمانة وتبعاتها.

إنها الطريقة القادرية البودشيشية حقل أولياء الله الصالحين الذين أفنوا أعمارهم في ذكر الله تعالى ومراقبة سلوك رسول الله صلى الله عليه وسلم نصا وروحا وتجليا سلوكيا على الصالحين من أمته. حتى أصبحوا بالأخذ عن السند الروحي والسلوكي والنصي المتصل يستنيرون بالمنهج النبوي استنارة علم وعمل وذوق وحال، فتمت لهم الأسوة الحسنة الموصوفة بأجمل الأوصاف. فاستحقوا بذلك أن يكونوا صادقين وأهلا للإتباع والإقتداء. ظاهرا وباطنا. لأنهم فهموا معنى الإستثمار وطريقه فسلكوه من باب قول الله تعالى : «لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا » صدق الله العظيم .

هذا وقد عنونت الكتاب ب: البعد التوحيدي للذكر في الإسلام (الوسيلة والغاية). فقسمته الى ثلاثة فصول:

الفصل الأول : المعطيات التوحيدية للذكر بين الواقع والنص.
الفصل الثاني : البعد التوحيدي لوظائف الذكر.
الفصل الثالث : الذكر كأداة وصل وتوحيد بين الكائنات
والله الموفق الى ذكره وشكره وحسن عبادته.

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية