آخر الأخبار

جاري التحميل ...

التصوف المثالي ورسالته الخالدة

قلب التصوف الإيماني، وروحه المثالي، ورسالته الخالدة تتجلى مبينة مشرقة في مدرسة «الشيخ والمريد»، تلك المدرسة المثالية، التي أنجبت المربِّين الكُمَّل، الذين أخدوا سبلًا في التربية، وأسلوبًا في السلوك، تخشع حياله، وتلقى باليدين وهي صاغرة كل مدرسةٍ مهما سمت أدبًا، وكل جامعةٍ مهما عظمت منهجًا! لقد امتدت تلك الأيدي المتوضئة المؤمنة الملهمة إلى القلب الإنساني فدرسته، وتعمقت خوافيه، وجاست خلاله، وكشفت أسراره، وأحاطت بنوازعه وخوالجه، فمسحت بنور القرآن فجوره، وأشعلت بأدب الرسول تقواه، ثم عرجت بملكاته صعودًا حتى أشهدته تسبيحات الملأ الأعلى، وإشراقات الأفق الأسنى، فسجد عند ربه يقتات برضوانه، وينهل من فيضه وينعم بإلهامه.

ثم مشوا بنور ربهم إلى الروح الإنساني، فأطعموها نور الذكر، وسقوها رحيق الحب، وأشعلوها بالوجد، وبسطوها بالأنس، وصاحبوها في مقاماتها وأحوالها من النفس الأمارة إلى النفس اللوامة، ومن المطمئنة إلى الراضية.

وإنَّ لكل مقامٍ منهجًا، ولكل حالٍ علمًا وذوقًا، فأسكنوها نعيمًا مقيمًا، وجنةً عاليةً، في الأولى قبل الآخرة … لقد أحالوا مثاليات القرآن، وأدب النبوة إلى منهجٍ سلوكيٍّ تربويٍّ، أخرج للناس نماذجَ بشريةً مضيئةً، لم تعرف الإنسانية بعد الرسل والأنبياء من هم أهدى منهم خلقًا، أو أزكى نفسًا وأتقى قلبًا.

وقد أوجدت هذه التربية روحًا صوفيًّا له طابعه وخصائصه، وهذا الروح هو سر التصوف وأُفقه ومنهجه … فقد أخذوا دينهم بقوةٍ، وتميزوا بعزماتٍ صاعدةٍ؛ فهم أرباب العزائم لا الرخص، وهم الذين أيقظوا قلوبهم فلم تنم عن ربهم وهدفهم.

وهم الذين عاشوا في كل حرفٍ من القرآن، ومع كل خُلقٍ من الرسول، فكلماتهم حياتهم، وعقيدتهم وجودهم … قال صوفيٌّ لمحدث: «أخرجوا زكاة الحديث! قال: وما زكاة الحديث؟ قال: اعملوا بخمسة أحاديث من كل مائة حديث تحفظونها.»

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية