آخر الأخبار

جاري التحميل ...

سر الأسرار ومظهر الأنوار فيما يحتاج إليه الأبرار - 19


الفصل الثالث والعشرون

في بيان أهل التصوف


وهم اثنا عشر نفراً واحدهم سُنّيون : وهم الذين أفعالهم وأقوالهم موافقة للشريعة والطريقة، وهم أهل السُّنة والجماعة، وبعضهم يدخلون الجنة بغير حساب، وبعضهم يدخلون الجنّة بعد العذاب، والبواقي بدعيّون.

فمنهم : الحلويّة، والحاليّة، والأوليائية، والثمراخية، والحبيّة، والحوريّة، والإباحية، والمتكاسلة، والحدية والمتجاهلة، والواقفية، والهاميّة.

فأمّا مذهب الحلويّة : فإنهم يقولون : إن النظر إلى الوجه الجميل من النساء والأمرد حلال، وفيه صفة الحق، فيرقصون ويدّعون التقبيل والمعانقة، وهذا كفرٌ محضٌ.

وأمّا الحاليّة : فإنهم يقولون : الرقص وضرب اليد حلال، ويقولون للشيخ حالة لا يعبر عنها الشرع، وهذه بدعة ليست من سنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأمّا الأوليائية : فإنهم يقولون : إذا وصل العبد إلى مرتبة الأولياء سقطت عنه تكاليف الشّرع. ويقولون : الوليّ أفضل من النبيِّ؛ لأنَّ علم النبيّ بواسطة جبرائيل عليه السلام، وعلم الوليّ بغير واسطة جبرائيل عليه السلام، وهذا التأويل خطأ، وهم هلكوا بذلك الاعتقاد، وهذا كفر.

وأمّا الثّمراخيّة : فإنهم يقولون : الصّحبة قديمة، وبها يسقط الأمر والنهي، ويُحِلّون الدّف والطّنبور وباقي المناهي شرعاً.

وأمّا الحبيّة : فإنهم يقولون : إذا وصل العبد إلى درجة المحبّة عند الله تعالى تسقط عنه التكاليف، ولا يسترون عورتهم بينهم.

أما الحوريّة : فإنهم كالحاليّة، لكن يدّعون وطء الحور في حالاتهم، فإذا أفاقوا اغتسلوا فكذبوا فهلكوا به.

وأما الإباحيّة : فيتركون الأمر بالمعروف، ويحلّون الحرام، ويبيحون النساء.

وأما المتجاهلة : فيلبسون لباس الفساق على ظهورهم، ويدّعون في بواطنهم، وهلكوا به كما قال الله تعالى : {وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ ...}[هُود : 113].

وأمّا الواقفيّة : فإنهم يقولون : لا يعرفُ الله غيرُ الله تعالى قط، ويتركون طلب المعرفة، وهلكوا به.

وأما الهاميّة : فيتركون العلم، وينهون عن التدريس، وتابعوا الحكماء. ويقولون : القرآن حجاب، والأشعار قرآن الطريقة، ويعتقدون بذلك القول، ويتركون القرآن، ويعلمون الأشعار أولادهم، ويتركون الوِرد وهلكوا بذلك الاعتقاد، وفي نفسهم الباطل يقولون نحن أهل السنة والجماعة وليسوا منهم.

ويقول أهل السنة والجماعة : إنّ الصحابة كانوا أهل الجذبة بقوّة صحبة النبي صلى الله عليه وسلم، ثم انتشرت تلك الجواذب بعد عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه إلى مشايخ الطريقة، ثمّ تشعّبت إلى سلاسل كثيرة، حتى ضعفت وانقطعت عن كثير منهم، فبقي منهم الرّسوم في صورة الشّيوخة بلا معنى، ثمّ تشعّب منهم أهل البدعة، ثم انتسب بعضهم إلى قلندر، وبعضهم إلى حيدر، وبعضهم إلى أدهم، وغير ذلك ويطول شرحها. ففي هذا الزمان أهل الفقر والإرشاد أقلّ من القليل، ويُعلم أهل الحقّ بشاهدين أحدهما ظاهر، والآخر باطن.

فالظّاهر : الاستحكام على الشّريعة أمراً ونهياً.

والباطن : أن يكون سلوكه على مشاهدة البصيرة، فيرى من يقتدي به، وهو النبي صلى الله عليه وسلم ويكون واسطة بين الله وبين روحانيّة النبي صلى الله عليه وسلم وجسمانيته في محلّه، فإنّ الشيطان لا يتمثّل به، فيكون منه إشارة إليه، وإلى مريديه السّالكين، فلا يكون سلوكهم على العمى وههنا دقائق العلامات في التمييز لا يدركها إلّا القليل.



التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية