آخر الأخبار

جاري التحميل ...

شرح أقوال ابن عربي : من وجدك وجدني ومن فقدك فقدني.

 قول ابن عربي : (ثم قال لي: من وجدك وجدني ومن فقدك فقدني، ثم قال لي: من وجدك فقدني ومن فقدك وجدني، ثم قال لي: من فقدني وجداني ومن وجدني لم يفقدني، ثم قال لي: الوجود والفقد لي لا لك).

أقول : إنه عنى بذلك أن العارف من وجده قد وجد الله تعالى لأنه فانٍ في الهوية مستهلك في ذاتها عارٍ عن الاختيار، وأيضاً هو أقرب إلى الله تعالى من الجاهل فعلى التفسير الأول من وجده فقد وجد الله تعالى، وعلى التفسير الثاني من قرب من الخليفة فقد قرب من المستخلف، وهذا ظاهر في الوجود، فإن الولي واسطة بين الطالب والمطلوب، فكل هذه أوصاف للعارف في القرب، فمن وصل إلى العارف فقد وجد الله تعالى ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم : (لا يَزالُ العَبد يتَقرَّبُ إليَّ بالنَّوافل حتَّى أُحبَّهُ، فإذا أجبَبتُهُ كُنتُ سمعَهُ الذي يَسمَعُ بِهِ وبَصَره الذي يُيصِرُ بهِ ويَدَهُ التي يَبطِشُ بِها ورِجلَهُ التي يَمشِي بِهَا)، ويُثيتهُ الحديث الآخر، وهو قوله : (مَرضتُ فلمْ تَعُدْنِي، وجعتُ فلمْ تُطعِمني إلى قوله : مرضَ فلان فلم تعده أما وإن عُدته لوجدتني عنده) والحديث بتمامه من صحاح الأخبار.


وهذا تأييد لكماله رضوان الله عليه في المعرفة، فكأنه قال : مَن وجدك بأوصافك وجدني ومن فقدك فقدني، فإن الزمان الذي لا يظهر فيه العارف ظلمتني يكون أبعد العصور عن الله تعالى أعني بالظهور هاهنا خلو زمان ما من عارف، وإنما أعني ظهوره بمجموع الوجود، فمن فاته رؤية عين العارف فما أبعده عن الله، بل إذا وجد هذا العارف وجب على المخلوقات اضطراراً رؤيته، بل ملازمة شهوده لأن حضرته حضرة الله الله تعالى، فإن قيل في حق عارف مدعي الكمال، وأنه الواحد ليس هذا هو قلنا : إنه متى ظهر عليه سمات المعرفة إما من الجهل إلى العلم في ليلة، وإما من الضعف إلى القوة، وإما من الوقفة إلى الجري في دقاق المعاني، وإما في إظهار معنى كا غامض يرد عليه، وإما في تفصيل مقامات الكشوف ورُتبه وأدواته وآلاته وكيفياته، والتفريق بين المقامات، فكل هذه إذا وجد بعضها في واحد، فهو المشار إليه بالوجود وإلى فقده منه وخروج عن طاعة الله تعالى.

شرح المشاهد القدسية
ست-عجم-بنت-النفيس-البغدادية

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية