آخر الأخبار

random
جاري التحميل ...

شرح بردة البوصيري

شرح بردة البوصيري


مخطوطة : شرح بردة البوصيري


                          بسم الله الرحمن الرحيم               وصلى الله على سيدنا محمد وآله

أقولُ : لا شكَّ أنَّ المُكلَّف مُكلَّفٌ بأن يعرفَ مَا يجب في حق مولانا عزَّ وجلَّ وما يستحيل وما يجوز، وأن يعرف مثل ذلك في حقِّ الرسُل عليهم الصلاة والسلام، وهذه القصيدة الميميَّة[البردة للبصيري] مشتملة على ذكر بعض أوصاف خيرِ البريَّة نبيُّنا ومولانا مُحمَّد صلى الله عليه وسلم، وذكرُ بعض مُعجزاته ومعرفة ذلك والاطلاع عليه فتعيَّنَ على كلِّ مؤمنٍ لوجوه ستة : 

الأوّل : أنَّ معرفة صفاته السَّنيَّة ونُعوتِه البَهيَّة السميَّة وسيلة إلى تعظيم شريعته، وتعظيمها وسيلة إلى العملِ بِهَا والوقوف عند أمرها ونهيها.

الثاني : إن معرفتها تتضمَّنُ معرفة حُسنِهِ وإحسَانِه صلى الله عليه وسلّم؛ وذلك وسيلة إلى محبَّته لأن أسباب المحبَّة وإن تكاثَرَتْ فمَدارُها الحُسن والإحسان، فإن النفوس مجبولة على حبِّ الحُسْن والمُحسن الذي ولا شيء يُماثل حسنه كما لا إحسان يُماثل إحسانَهُ.

الثالث : أن السعي في معرفتها خدمةً لجنابه عليه السلام وثناءً عليه وتعلُّقٌ به وتعظيمٌ لقدرِهِ، وتقرُّب وتودُّد واستعطاف، وتعرُّض لنفحات المَمدوح، واستمطارلسحائب إحسانه، ومد ليد الفاقة والاضطرار، وفتح لأبواب خزائن مَا يؤمّل.. فإن الكرامَ إذا مُدِحُوا أجزَلُوا المَواهبَ والعطايَا، وقد أعطى عليه السلام عَبّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ ...مائة من الإبل وخلَعَ حلته على كعب بن زهير لما مدحه بقصيدته المشهورة التي منها :

إنَّ الرَّسُولَ لَنورٌ يُسْتَضاءُ بِهِ       مُهَنَّدٌ مِنْ سُيوفِ اللهِ مَسْلُولُ

الرابع : أن معرفة صفاته مُعينة على شهود ذاكره لذاته، وفي رؤيته صلى الله عليه وسلم يقظة أو منامًا فوائد عظيمة ومزايا كثيرة فخيمةن وانظُر إلى قوله عليه السلام : (إن لله عبادا من نظر في وجه أحدهم نظرة سَعِدَ سعادة لايشقى بعدها أبدا) وقوله : (هُمْ الْقَوْمُ لَا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ)  مع أنهم ما نالوا ذلك إلا بنوره المشرق عليهم ومدده الساري فيهم وكلهم من رسول الله ملتمس، كما يأتي.

الخامس : أن في ذكرها وسماعها تلذُّذاً بحبيب القُلوب وقُرَّة العُيون صلى الله عليه وسلم وهو ضربُ من الوِصال به والاجتماع معه لِما فيه من إمتاع حاسَّة السَّمع واللِّسان بأوصافِ المَحبُوب صلى الله عليه وسلم.

السادس : أن ذكر محاسنه صلى الله عليه وسلم يُحرِّكُ ما في القلب من الحبِّ الساكر والشَّوقِ الكامن ويحصل من انشراح الصدر وتفريح القلب ما يُناسبُ إجلاء تلك المحاسن، وقد يغيب المُحبّ عند ذكر أوصاف المحبوب صلى الله عليه وسلم لاسِيَما إذا كان القارئ حَسَن الصوت وكانت قراءته على وجه يُثيرُ الخشوع ويرفق القلوب كما هو المطلوب.

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق