آخر الأخبار

random
جاري التحميل ...

إزدواجية المجتمع المتمدن والإنسان المتوحش !

 

إن البشرية اليوم تعيش ازدواجية معقدة في مجتمعاتها ، مجتمعات متمدنة من حيث  الواقع التكنولوجي والتقني ، التي استطاع ان يتفوق بها ، ويثبت جدارته وقوة ذكائه في مجالات معرفيه وعلميه كثيره .

 

نعم ! حتى انه صار يفكر ويخطط لزيارة كواكب أخرى ، هذا العقل البشري الجبار وما زال في تطور كبير ومن اكتشاف إلى آخر ،لكنه للأسف  لا يملك بين جنبيه شيئا من الأحاسيس والمشاعر والأخلاق والقيم . 


نحن نشاهد قصف الأبرياء وقتلهم في فلسطين وفي كل مكان من هذا العالم ، أبرياء يهرعون للعيش في الخيام ومع ذلك لا ترحمهم القنابل والصواريخ من القتل والتفجير ، والأدهى والأمر من يقومون بتمويل السفاحين بالأسلحة !! 


قد يظن بعضكم : 


أننا نسعى إلى إرجاع الناس إلى الروحانيات والمعنويات دون تنمية العقل ؟ 


إن الارتكاز على المعنويات والروحانيات دون غيرها هو مأزق تقع فيه الأمم  جميعا ، ومنها الأمة الاسلامية ، بل قد يكون سببا من أسباب ضعفها ، لأنه سيتهددها الجوع والفقر والأمراض وغيرها من المصائب …..! 


كذا إن الارتكاز إلى العقل فقط سنتحصل على مدنية متطوره ولكن بأيدي وحوش …! سيكون عندنا مساحات واسعة من الأراضي ، لكن مع أرواح خالية من الذوق المعرفي والأخلاق . 


ومن هنا فعلى الإنسان اليوم أن يسعى للأمرين معا ، تنمية الجانب العقلي والجانب العرفاني . 


واليوم أضع بين أيديكم ملاحظات حقيقية : 


أولا : التقنيات البيولوجية والتلاعب بخارطة الأنواع الحية ومنها الإنسان ، ودعوته لرفض نوعه الذكري او الأنثوي ، حتى وصل الأمر في بعض الدول الأوروبية أنك تختار جنسك في ورقة الاستبيان من ضمن ثمانية حقول !!! 


إن الدعوة الى الشذوذ الجنسي ، والعمل على العبث بفطرة الأطفال في المدارس ، تحمل في طياتها الأضرار النفسية وتهديد السلم المجتمعي ، ناهيك عن الأمراض التي تنتظر الإنسان جراء هذا العبث الخلقي الأخلاقي .

 

ثانيا : الصناعة وتطورها وهدفها المادي البحت بعيدا عن الأخلاق وحتى في بعض الأحيان بعيدا عن القانون ، وللأسف المرجعيه الفلسفية للقانون صارت في الغالب هي الربح المادي حتى تحول الإنسان إلى وحش في بدن إنساني ! 


لكن الفلسفة الإسلامية تنظر إلى القوانين أنها تجمع إلى جانبها وفيها القيم والأخلاق واحترام النفس البشرية ، من ضرر موجود أو آت ! وإن مرجع هذه الأخلاق والقيم هي الشرائع السماوية . 


المدنية سمحت للإنسان المتوحش بصناعة حتى ما يضر الإنسان لأجل الربح ! 


ثالثا : العنف ، هو الرعب الحقيقي الذي يهدد البشرية ، لم يتراجع رغم التطور الحضاري ، لكن تطورت أساليب القتل والتهجير والتفجير ! 


إن ظهور العنف هو نتيجة حتمية للإنسان المتوحش ، هو نتيجة إقصاء الآخر ، والهيمنة عليه ، ومباركة الاحتلال والاستعمار ، إن العالم اليوم بأكمله يشارك في جريمة العنف في المجتمعات ، ولكن المجرم الحقيقي من يمتلك زمام التدبير والتخطيط ورسم معالم الغد ، إن ارتفاع معدل الجريمة لا يعود إلى المجرم نفسه فحسب بل إلى أصحاب التخطيط في المجتمع الذين فرضوا على الناس مدنية يحكمها وحوش !!! 


من المعيب حقا أن نتقدم ونتطور على الصعيد العمراني لكننا إلى الوراء على المستوى الأخلاقي والسياسي ، والمجتمعي . 


إن القوة لا تكون بالأسلحة والصواريخ فحسب او الغطرسة على الآخرين ، وإنما صناعة المشاريع النهضوية ، والإصلاح والتنمية والسلم . 


وفي الختام : 


أظن إن حاجة التغيير والإصلاح ، بعد الذي ذكرناه لكم آنفا هي حاجة عالمية ، لأن الأزمة شاملة لا تقتصر على بلد دون آخر ، والمصالح متشابكة وعليه فالمصائر متشابكة ، ثمة أزمات عالمية حقيقية تتمظهر بالعنف مرة والفقر والوباء والغذاء  والماء والمناخ والبيئة وغيرها مما يفرض علينا تكاتف الجهود لحلها . 


بقلم : 

د. ربيع العايدي 

محاضر في جامعة الزرقاء الخاصة / الاردن

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق