نفحات الطريق

يعنى الموقع بالتأصيل الشرعي للتصوف المقتبس من مشكاة نور النبوة والتعريف بمقامات وأعلام الصوفية. إلى جانب نشر كتب ورسائل عن التصوف.

آخر الأخبار

random
جاري التحميل ...

الحكم العطاية (140) : ليس الشَّأْنُ وُجُودُ الطَّلَبِ ، إِنَّمَا الشَّأْنُ أَنْ تُرْزَقَ حُسْنَ الأَدَبِ.


( ليس الشَّأْنُ وُجُودُ الطَّلَبِ ، إِنَّمَا الشَّأْنُ أَنْ تُرْزَقَ حُسْنَ الأَدَبِ ).

الطلب كله مدخول عند المحققين أولي الألباب ، لما يقتضيه من وجود النفس والوقوف مع الحس ، إذ العارف المحقق لم تبق له حاجة يطلبها ، لأنه قد حصل له الغنى الأكبر وفاز من مولاه بالحظ الأوفر ، وهو معرفة مولاه والغيبة عما سواه ، "ماذا فقد من وجدك" فليس الشأن وجود صورة الطلب وإنما الشأن أن تستغني به عن كل مطلب ، وترزق معه حسن الأدب ، والإكتفاء بعلم الله والوقوف مع مراد الله ، قال الشيخ زروق رضي الله عنه :" والأدب على ثلاثة أوجه : آداب في الظاهر ، وذلك بإقامة الحقوق ، وآداب في الباطن بالإعراض عن كل مخلوق ، وآداب فيهما وذلك بالإنحياش للحق والدوام بين يديه على بساط الصدق ، وذلك هو جملة الأمر وتفصيله وتفريعه وتأصيله".

فالطلب عند العارفين ليس هو بلسان المقام ، وإنما هو بلسان الحال ، وهو الاضطرار وظهور الذلة والافتقار ، كما نبه عليه بقوله :
( ما طلب لك شيء مثل الاضطرار ولا أسرع بالمواهب مثل الذلة والأفتقار)
إنما كان طلب العارفين بلسان الحال دون المقال ، لما حققهم به من وجود معرفته حتى شهدوا منته في محنته ونعمته في نقمته ، فإذا تجلى لهم بالقوة والجلال تلقوه بالضعف والإذلال ، فحينئذ يتجلى لهم بإسمه الجميل ، فيمنحهم كل جميل ، وإذا تجلى لهم بإسمه العزيز أو القهار ، تلقوه بالذلة والافتقار فتتوارد عليهم المواهب الغزار، فإذا أردت أيها العارف أن تطلب من مولاك شيئاً جلباً أو دفعاً ، فعليك بالاضطرار ، والاضطرار هو أن يكون كالغريق في البحر، أو الضال في التيه القفر، ولا يرى لغياثه إلا مولاه ، ولا يرجوا لنجاته من هلكته أحداً سواه ، فما طلب لك من مولاك شيء مثل اضطرارك إليه والوقوف بين يديه ، متحلياً بحلية العبيد هنالك تنال كل ما تريد .

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق