نفحات الطريق

يعنى الموقع بالتأصيل الشرعي للتصوف المقتبس من مشكاة نور النبوة والتعريف بمقامات وأعلام الصوفية. إلى جانب نشر كتب ورسائل عن التصوف.

آخر الأخبار

random
جاري التحميل ...

الحب الالهي والشوق والوجد الصوفي

أجمعت الأمة على ان حب الله ورسوله فرض عين على كل احد قال تعالى :( والذين آمنوا أشد حبا لله ). وقال : ( يحبهم ويحبونه ) وقال : ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ). / وقال عليه الصلاة والسلام : ( لا يؤمن أحدكم حتى يكون الله ورسوله أحب إليه من أهله وماله والناس اجمعين ). 

المحبة : ميل الطبع الى الشيء لكونه لذيذا عند المحب .
فإن تأكد ذلك الميل وقوي سمي صبابة لانصباب القلب بالكلية .
فإذا قوي سمي غراما يلزم القلب كلزوم الغريم . 
فإذا قوي سمي عشقا . أي إفراطا في المحبة .
فإذا قوي سمي شغفا . لأنه يصل إلى شفاف القلب من داخله . 
فإذا قوي سمي تتيما" أي تعبدا"لأنه يصير المحب عبدا للمحبوب . فيكون ذلك المحب متيما" مأمورا" .ومغرما" مأسورا" لا يقر له ولا يفرق بين النافع والضار .

ولا تحصل حقيقة المحبة من العبد لربه إلا بعد سلامة القلب من كدورات النفس . فإذا استقرت محبة الله في القلب خرجت محبة االغير لان المحبة صفة محرقة تحرق كل شيء ليس من جنسها . وعلامتها قطع شهوات الدنيا والاخرة .
قال يحيى بن معاذ : صبر المحبين أشد من صبر الزاهدين . وعجبت كيف تدعي محبة الله من غير اجتناب محارمه . فمن ادعى محبة من غير اجتناب الشهوات فهو كذاب . ومن ادعى محبة الجنة من غير إنفاق ملكه فهو كذاب .

والمحبة عندهم على ثلاثة اقسام : 
عوام
 خواص
 خواص الخواص .

وأما العوام : محبة العوام وهي مطالعة المنة من رؤية إحسان المحسن، جبلت القلوب على محبة من أحسن إليها وهو حب يتغير وهو لمتابعي الأعمال الذين يطلبون أجراً على ما يعملون.

وأما الخواص : فمحبتهم عبارة عن التعشق الذي به ينمحي العاشق عند تجلي نور معشوقه . فإذا علم المحبوب صدق محبه في محبته رفع بينه وبينه الحجاب فأطلعه على أسراره وكشف له عن علم غامضة وأسرار عالية .

وأما خواص الخواص : محبة خواص الخواص المتبعين للأحوال وهي الناشئة من الجذبة الإلهية في مكامن «كنت كنزاً مخفياً» وأهل هذه المحبة هم المستعدون لكمال المعرفة ، وحقيقتها أن يفنى المحب بسطوتها فيبقى بلا هو وربما بقي صاحبها حيران سكران لا هو حي فيرجى ولا ميت فيبكى ، وفي مثل ذلك قيل :
يقولون إن الحب كالنار في الحشا 
 ألا كذبوا فالنار تذكو وتخمد

وما هو إلا جذوة مس عودها 
 ندى فهي لا تذكو ولا تتوقد

وأما الشوق : فهو انجذاب القلب إلى مشاهدة المحبوب . ويقال هو نار الله أشعلها في قلوب أوليائه حتى يحرق به ما في قلوبهم من الخواطر والإرادات والعوارض والحاجات . وهو ناشئ عن المحبة . فاذا بلغه العبد استبطأ الموت شوقا الى ربه وأخذ في التواجد والتطاير الى حضرة قربه . 

وأما الوجد : فهو وارد يرد على القلب من كشف أسرار الذات وأنوارها فيدهش الروح أو يظهر ذلك على الجوارح فيهتز الرأس ويشطح البدن . وهو ثابت في الكتاب والسنة قال تعالى : ( أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ ). وقال : ( إنما المؤمنون الذين إذا ذُكر الله وَجلت قلوبُهُم ).

فإن صاحب الخشوع القلبي والوجل بذكر الله تعالى . قد يغيب عقله عن احترام الناس واعتبار أهل المجلس . فيقوم ويقعد ويدور ويتواجد . وربما يسقط على الارض صريعا على حسب قوة استعداده لتحمل الواردات الإلهية عليه . فهو في طاعة وعبادة من غير شبهة عند كل أهل الإسلام والإيمان . ولا يجوز سوء الظن به قال تعالى :( فويلٌ للقاسية قلوبُهُم مِن ذكرِ الله أولئك في ضلال مبين ). 
فورد في بعض الآثار : (جذبة من جذبات الرحمن توازي عمل الثقلين ). وذكر في مسند الامام احمد بن حنبل عن علي كرم الله وجهه قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أنا وجعفر وزيد فقال عليه الصلاة والسلام لزيد : أنت مولاي فحجل ، فقال لجعفر : أنت أشبهت خُلقي وخَلقى فحجل ، ثم قال أنت مني فحجلت . والحجل هو رفع رجل ومشي على الأخرى وهو من نتائج الوجد . 
وقال بعض العارفين : سبب اضطراب الإنسان بالصوت الحسن في الذكر أن الارواح تتذكر لذيذ الخطاب يوم ( ألست بربكم ) وقد خوطبت بذلك فتحن لما تتذكر ذلك . 

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق