آخر الأخبار

جاري التحميل ...

تفسير قوله تعالى : قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله.

تفسير قوله تعالى : قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله.
(قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم).
{ تحبون الله } فرق ، و { يحببكم الله } جمع .
{ تحبون الله } مشوب بالعلة ، و { يحببكم الله } بلا علة ، بل هو حقيقة الوصلة . ومحبة العبد لله حالة لطيفة يجدها من نفسه ، وتحمله تلك الحالة على موافقة أمره على الرضا دون الكراهية ، وتقتضي منه تلك الحالة إيثاره - سبحانه - على كل شيء وعلى كل أحد .
وشرط المحبة ألا يكون فيها حظ بحال ، فمن لم يفن عن حظوظه بالكلية فليس له من المحبة شظية .
ومحبة الحق للعبد إرادته إحسانه إليه ولطفه به ، وهي إرادة فضل مخصوص ، وتكون بمعنى ثنائه سبحانه عليه ومدحه له ، وتكون بمعنى فضله المخصوص معه ، فعلى هذا تكون من صفات فعله .ويقال شرط المحبة امتحاء كليتك عنك لاستهلاكك في محبوبك ، قال قائلهم :
وما الحب حتى تنزف العين بالبكا ... وتخرس حتى لا تجيب المناديا
وهذا فرق بين الحبيب والخليل؛ قال الخليل : { فمن تبعنى فإنه منى } [ إبراهيم : 36 ] .
وقال الحبيب : { فاتبعونى يحببكم الله } .
فإن كان متبع الخليل « منه » إفضالا فإن متابع الحبيب محبوب الحق سبحانه ، وكفى بذلك قربة وحالا .ويقال قطع أطماع الكافة أن يسلم لأحد نفس إلا ومقتداهم وإمامهم سيد الأولين والآخرين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .
ويقال في هذه الآية إشارة إلى أن المحبة غير معلولة وليست باجتلاب طاعة ، أو التجرد عن آفة لأنه قال : { يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم } بين أنه يجوز أن يكون عبد له فنون كثيرة ثم يحب الله ويحبه الله .
ويقال قال أولا : { يحببكم الله } ثم قال : { ويغفر لكم ذنوبكم } والواو تقتضي الترتيب ليعلم أن المحبة سابقة على الغفران؛ أولا يحبهم ويحبونه ( وبعده ) يغفر لهم ويستغفرونه ، فالمحبة توجب الغفران لأن العفو يوجب المحبة .
والمحبة تشير إلى صفاء الأحوال ومنه حبب الأسنان وهو صفاؤها .
والمحبة توجب الاعتكاف بحضرة المحبوب في السر .
ويقال أحب البعير إذا استناخ فلا يبرح بالضرب .
والحب حرفان حاء وباء ، والإشارة من الحاء إلى الروح ومن الباء إلى البدن ، فالمحب لا يدخر عن محبوبه لا قلبه ولا بدنه .

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية