آخر الأخبار

جاري التحميل ...

الإلهام والتعلم_إحياء علوم الدين

قال صلّى الله عليه وسلم :( سبق المفردون قيل ومن هم المفردون يا رسول الله قال المتنزهون بذكر الله تعالى وضع الذكر عنهم أوزارهم فوردوا القيامة خفافاً ثم قال في وصفهم إخباراً عن الله فقال ثم أقبل بوجهي عليهم أترى من واجهته بوجهي يعلم أحد أي شيء أريد أن أعطيه ثم قال تعالى أوّل ما أعطيهم أن أقذف النور في قلوبهم فيخبرون عني كما أخبر عنهم).

بيان الفرق بين الإلهام والتعلم

الفرق بين طريق الصوفية في استكشاف الحق وطريق النظار اعلم أن العلوم التي ليست ضرورية - وإنما تحصل في القلب في بعض الأحول - تختلف الحال في حصولها فتارة تهجم على القلب كأنه ألقى فيه من حيث لا يدري وتارة تكتسب بطريق الاستدلال والتعلم‏.‏
فالذي يحصل لا بطريق الاكتساب وحيلة الدليل يسمى إلهاماً والذي يحصل بالاستدلال يسمى اعتباراً واستبصاراً‏.‏ثم الواقع في القلب بغير حيلة وتعلم واجتهاد من العبد ينقسم إلى ما يدري العبد أنه كيف حصل له ومن أين حصل وإلى ما يطلع معه على السبب الذي منه استفاد ذلك العلم وهو مشاهدة الملك الملقى في القلب‏.
والأول‏:‏ يسمى إلهاماً ونفثاً في الروع.
 والثاني‏:‏ يسمى وحياً وتختص به الأنبياء‏.‏
والأول يختص به الأولياء والأصفياء‏.‏
والذي قبله - وهو المكتسب بطريق الاستدلال - يختص به العلماء‏.

‏وحقيقة القول فيه أن القلب مستعد لأن تنجلي فيه حقيقة الحق في الأشياء كلها وإنما حيل بينه وبينها بالأسباب الخمسة - التي سبق ذكرها - فهي كالحجاب المسدل الحائل بين مرآة القلب وبين اللوح المحفوظ الذي هو منقوش بجميع ما قضى الله به إلى يوم القيامة‏.‏وتجلى حقائق العلوم من مرآة اللوح في مرآة القلب يضاهي انطباع صورة من مرآة في مرآة تقابلها والحجاب بين المرآتين تارة يزال باليد وأخرى يزول بهبوب الرياح تحركه‏.‏وكذلك قد تهب رياح الألطاف وتنكشف الحجب عن أعين القلوب فينجلي فيها بعض ما هو مسطور في اللوح المحفوظ ويكون ذلك تارة عند المنام فيعلم به ما يكون في المستقبل‏.‏وتمام ارتفاع الحجاب بالموت فيه ينكشف الغطاء وينكشف أيضاً في اليقظة حتى يرتفع الحجاب بلطف خفي من الله تعالى فيلمع في القلوب من وراء ستر الغيب شيء من غرائب العلم تارة كالبرق الخاطف وأخرى على التوالي إلى حد ما‏.‏ودوامة في غاية الندور فلم يفارق الإلهام الاكتساب في نفس العلم ولا في محله ولا في سببه ولكن يفارقه من جهة زوال الحجاب فإن ذلك ليس باختيار العبد ولم يفارق الوحي الإلهام في شيء من ذلك بل في مشاهدة الملك المفيد للعلم فإن العلم إنما يحصل في قلوبنا بواسطة الملائكة وإليه الإشارة بقوله تعالى : ‏"‏ وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً أو من وراء حجاب أو يرسل رسولاً فيوحي بإذنه ما يشاء ‏"‏‏.‏

فإذا عرفت هذا فاعلم أن ميل أهل التصوف إلى العلوم الإلهامية دون التعليمية‏.‏فلذلك لم يحصروا على دراسة العلم وتحصيل ما صنفه المصنفون والبحث عن الأقاويل والأدلة المذكورة بل قالوا الطريق تقديم المجاهدة ومحو الصفات المذمومة وقطع العلائق كلها والإقبال بكنه الهمة على الله تعالى ومهما حصل ذلك كان الله هو المتولي لقلب عبده والمتكفل له بتنويره بأنوار العلم وإذا تولى الله أمر القلب فاضت عليه الرحمة وأشرق النور في القلب وانشرح الصدر وانكشف له سر الملكلوت وانقشع عن وجه القلب حجاب الغرة بلطف الرحمة وتلألأت فيه حقائق الأمور الإلهية فليس على العبد إلا الاستعداد بالتصفية المجردة وإحضار الهمة مع الإدارة الصادقة والتعطش التام والترصد بدوام الانتظار لما يفتحه الله تعالى من الرحمة‏.‏فالأنبياء والأولياء انكشف لهم الأمر وفاض على صدورهم النور لا بالتعلم والدراسة والكتابة للكتب بل بالزهد في الدنيا والتبري من علائقها وتفريغ القلب من شواغلها والإقبال بكنه الهمة على الله تعالى‏.
‏فمن كان لله كان الله له‏.‏

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية