نفحات الطريق

يعنى الموقع بالتأصيل الشرعي للتصوف المقتبس من مشكاة نور النبوة والتعريف بمقامات وأعلام الصوفية. إلى جانب نشر كتب ورسائل عن التصوف.

آخر الأخبار

random
جاري التحميل ...

المتكبر من الناس

عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن من أحبكم إلى، وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة، أحسانكم أخلاقاً وإن أبغضكم إلى، وأبعدكم مني يوم القيامة، الثرثارُون والمتشدقون والمتفيهقون" قالوا : يا رسول الله قد علمنا (الثرثارُون والمتُشدقون) فما المُتفيهقُون؟ قال(المتكبرون) رواه الترمذي.
قال المنذري في الترغيب : الثرثار بثائين مثلثتين مفتوحتين هو الكثير الكلام تكلفا , والمتشدق هو المتكلم بملء شدقه تفاصحا وتعظيما لكلامه , والمتفيهق أصله من الفهق وهو الامتلاء , وهو بمعنى المتشدق لأنه الذي يملأ فمه بالكلام ويتوسع فيه إظهارا لفصاحته وفضله واستعلاء على غيره . 
إن القول على الله بلا علم ليس قول أحد يكذب في قوله على آخر مثله ، فإن كلام هذا يعد إثما وبهتان وكبيرة فهي مع الله أشد ، وهي تكذيب لرسوله ودينه وتكذيب لأصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم الذين نقلوا لنا الدين المصفى كاملا .
قال الله تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ}[ سورة الزمر9].
دخل الإمام مالك -رحمه الله- على شيخه ربيعة الرأي؛ فوجده يبكي فقال: ما يبكيك؟أمصيبة نزلت بك! قال: لا، ولكن استفتي من لا علم عنده! ووقع في الإسلام أمر عظيم، ولبعض من يفتي ههنا أحق بالسجن من السراق! [أداب المفتي والمستفتي ص 85]
فسر القشيري { هَـٰذِهِ جَهَنَّمُ ٱلَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا ٱلْمُجْرِمُونَ } « المجرمون » هنا بطائفتين ، الأولى : المتشدقون من علماء الكلام ، الذي يتكلمون في ذاته وصفاته وأفعاله بما ليس لهم به علم ، ويجادلون أرباب الكشف والشهود بسبب علومهم الجدلية ، ويفوهون بقوة الجبهة وصلابة الناصية ، فلا شك أنهم يجرون على ناصيتهم في نار البعد والطرد عن مراتب أهل العرفان . الطائقة الثانية : المتصوفة الجاهلة ، المنقطعون عن الطريق المستقيم ، والمنهج القويم ، بسبب دخولهم في هذه الطريق بالتقليد ، من غير إذن شيخ كامل ، واصل موصل ، فلا شك أنهم يخرجون بأقدامهم المعوجة عن سلوك طريق الحق إلى نار البعد والقطيعة . ه . بالمعنى . والسيما التي يعرفون بها ، إما علو النفس ، وغلظة الطبع ، وطلب الجاه ، وإما قلقة اللسان ، وإظهار العلوم ، فالعارف الكامل بعكس هذا كله ، متواضع ، سهل ، لين ، الخفاء أحب إليه من الظهور ، لسان حاله أفصح من مقاله . ثم قال تعالى : { هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون } المتقدمون ، لأنهم ضل سعيهم في الحياة الدنيا . وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ، { يطوفون بينها } أي : بين نار القطيعة وحميم التدبير والاختيار ، من هم الرز ، وخوف الخلق ، وغم الحجاب : نسأل الله العصمة بمنه وكرمه .

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق