آخر الأخبار

جاري التحميل ...

مقامات وأحوال الصوفية : المشاهدة.

يقول ابن عربي : المشاهدة عند الطائفة رؤية الأشياء بدلائل التوحيد ورؤيته في الأشياء وحقيقتها اليقين من غير شك.

قالت الطائفة في المشاهدة إنها تطلق بإزاء ثلاثة معان منها مشاهدة الخلق في الحق وهي رؤية الأشياء بدلائل التوحيد كما قدمناه ومنها مشاهدة الحق في الخلق وهي رؤية الحق في الأشياء ومنها مشاهدة الحق بلا الخلق وهي حقيقة اليقين بلا شك فأما قولهم رؤية الأشياء بدلائل التوحيد فإنهم يريدون أحدية كل موجود ذلك عين الدليل على أحدية الحق فهذا دليل على أحديته لا على عينه وأما إشارتهم إلى رؤية الحق في الأشياء فهو الوجه الذي له سبحانه في كل شي‏ء وهو قوله إِذا أَرَدْناهُ فذلك التوجه هو الوجه الذي له في الأشياء فنفى الأثر فيه عن السبب إن كان أوجده عند سبب مخلوق وأما قولهم حقيقة اليقين بلا شك ولا ارتياب إذا لم تكن المشاهدة في حضرة التمثل كالتجلي الإلهي في الدار الآخرة الذي ينكرونه فإذا تحول لهم في علامة يعرفونه بها أقروا به وعرفوه وهو عين الأول المنكور وهو هذا الآخر المعروف فما أقروا إلا بالعلامة لا به فما عرفوا إلا محصورا فما عرفوا الحق.‏

قال الجنيد:صاحب المحاضرة مربوط بآياته ، و صاحب المكاشفة مبسوط بصفاته ، وصاحب المشاهدة ملقى بذاته، صاحب المحاضرة يهديه عقله، و صاحب المكاشفة يدنيه علمه وصاحب المشاهدة تمحوه معرفته . المشاهدة: فهي مقام حاصل من معاينة آثار أسمائه وصفاته تعالى في الكون، بحيث يترتب عن ذلك تنور القلب وتعلقه بالرب، وهذه المنزلة هي التي قال عنها النبي عليه الصلاة والسلام: أن تعبد الله كأنك تراه ـ فهي رؤية حكمية، وهي مقام فوق المراقبة، والتي هي العلم واليقين باطلاع الحق سبحانه على ظاهر العبد وباطنه، وهي التي قال فيها عليه الصلاة والسلام:فإن لم تكن تراه فإنه يراك ـ قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: يتولد عن هذين المقامين:الأنس بالله والخلوة لمناجاته وذكره واستثقال ما يشغل عنه من مخالطة الناس والاشتغال بهم، فمنزلة المراقبة إذا تحققت في العبد حصل له الأنس بالله تعالى، ومنزلة المشاهدة أعلى وأجل.
ويقول القشيري :المشاهدة: وهي حضور الحق من غير بقاء تهمة.
قال عمرو بن عثمان المكي رحمه الله : ومعنى ما قاله: أنه تتوالى أنوار التجليِّ على قلبه من غير أن يتخللها ستر وانقطاع كما لو قُدر اتصال البروق، فكما أن الليلة الظلماء بتوالى البروق فيها، وإتصالها، إذ قدرت تصير في ضوء النهار، فكذلك القلب إذا دام به دوام التجلي مَتع نهاره فلا ليل.
وقال النوري: لايصح للعبد المشاهدة وقد بقى له عِرق قائم.
وقال: إذا طلع الصباح استغنى عن المصباح: وتوهَّم قوم أن المشاهدة تشير إلى طرف من التفرقة، لأن باب المفاعلة في العربية بين اثنين. وهذا وهم من صاحبه. فإن في ظهور الحق سبحانه، ثبور الخلق وباب المفاعلة جملتها لا تقضي مشاركة الأثنين نحو: سافر، وطارق النعل، وأمثاله.
وأنشدوا:
فلما استبان الصبح أدرك ضوؤه ... بأنواره أنوار ضوء الكواكب
يجرعهم كأساً لو ابتلى به اللظى ... بتجريعة طارت كأسرع ذاهب
كأس، أي كأس؟؟ تصطلمهم عنهم، وتفنيم، وتختطفهم منهم، ولا تبقيهم.
كأس.. لا تبقي لا تذر، تمحوهم بالكلية، ولا تبقى شظية من آثار البشرية.
كما قال قائلهم: ؟ساروا فلم يبق لارسم ولا أثر ومن ذلك: ؟اللوائح، والطوالع، واللوامع قال الأستاذ رضي الله عنه: هذه الألفاظ متقارية المعنى، لا يكاد يحصل بينها كبير فرق. وهي من صفات أصحاب البدايات الصاعدين في الترقي بالقلب، فلم يدم لهم بعد ضياء شموس المعارف.
لكن الحق سبحانه وتعالى، يؤتى رزق قلوبهم في كل حين، كما قال: ولهم رزقهم فيها بكرة وعشياً، فكلمَّا أظلم عليهم سماءُ القلوب بسحاب الحظوظ سنح لهم فيها لوائح الكشف وتلألأ لوامعُ القرب وهم في زمان سترهم يرقبون فجأة اللوائح.

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية