آخر الأخبار

random
جاري التحميل ...

  1. المرجو اضافة اسم الكاتب والمصادر والمراجع المعتمدة في كتابة المقال

    ردحذف

أعلام التصوف : أبو يَعْزَى يَلَّنُّور

الشيخ أبو يعزى واسمه يَلَّنُور، عمَّر طويلا، زائداً على المائَة سنين كثيرةً، فيما ذُكِر، شُهرتهُ بالمغرب بالانقطاع عن الخلق، وإجابة الدّعوة، والفراسة الصّادقة الجادّة، أغنتنا عن التّعريف بجميع أوصافه التي شُهرت عنه وشوهدت منه...، وكان لا يأكل شيئا ممّا يأكله النّاس، وسُكناه بِأرُجّان، في جبل مع أهله وأولاده، لا يُجاوره بموضعه أحد من النّاس.
نسب أبي يعزى: 
أبو يعزى بن عبد الرحمن بن أبي بكر اللاني بن موسى بن عيسى بن صالح بن ابراهيم بن عبد العزيز بن محمد بن ميمون بن عمر بن محمد بن داود بن أبي زيد بن يعقوب بن ادريس بن عبد الله بن ادريس الأزهر بن ادريس الأكبر بن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب وفاطمة الزهراء ,بنت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.”
مشايخ أبي يعزى:
قال صاحب كتاب التشوف: كان الشيخ أبو يعزى يقول : «خدمت نحوا من أربعين وليا لله عزّ وجل، منهم من ساح في الأرض ومنهم من قام بين الناس إلى أن مات». أخذ عن شيخه أبي شعيب بن سعيد الصنهاجي ,المتوفى بأزمور سنة561ه؛وهو الملقب بالسارية لأنه كان يطيل القيام في الصلاة ,حتى يظن الداخل الى المسجد أنه سارية.
يحكى أنه من شدة تفانيه في خدمة شيخه هذا ؛أن زوجة الشيخ طلبت منه مملوكة تخدمها ,فاشتد عليه الأمر ,ربما لقلة ذات اليد ؛فلما رآه مريده أبو يعزى مهتما قال له: أنا أتقمص دور المملوكة وأخدمها ؛فطفق وهو متنكر بلباس مملوكة.- يطحن ويخبز ليلا ,وفي النهار يتفرغ للعبادة.
ذات ليلة أطلت الزوجة على السقيفة متلصصة على المملوكة, فهالها ما رأت : الطاحونة تدور من تلقاء نفسها ,وأبو يعزى واقف إزاءها يصلي ؛فأخبرت الزوج وانكشف السر,وأقسمت الزوجة ألا يخدمها أبو يعزى.
ولقي أيضا أبا عبد الله أمغار ,وأبا موسى عيسى أيغور وغيرهم. 
تلامذته: 
يقول التادلي: فأكبرهم قدرا وأفخمهم أمرا، الشيخ العارف بالله، أبو مدين شعيب بن الحسين الأنصاري...، وأبو زكرياء يحيى ابن محمد بن صالح المزطاوي من بلدة هسكورة، وأبو يحلوا الصديني، وأبو الصبر أيوب الفهري السبتي... وغيرهم كثير.
كرامات أبي يعزى:
يقول أبو العباس زروق رضي الله عنه– نقلا عن المعزى في مناقب سيدي أبي يعزى ,لأبي القاسم الهروي التادلي:” إن أبا يعزى كراماته بعد مماته كمثل حياته”.
وقال الشيخ أبو العباس العزفي – نقلا عن نفس المصدر: ” سمعت الفقيه الفاضل ,أستاذ الأستاذين, وآخر المتكلمين:أبا عبد الله محمد بن عبد الله الفندلاوي ,عرف بالكتاني يقول, وقد جرى ذكر سيدي أبي يعزى ,وذكر ولايته ,وانتشار كراماته .قال: وما نعلم وليا من أولياء الله تعالى ,ثبتت كراماته بالتواتر الا هذا الشيخ المبارك :سيدي أبي يعزى . …” 
وقال أبوعلي الصواف :سمعت أبا عبد الله الكتاني يقول: “نقلت كرامات أبي يعزى نقل التواتر وفي نفس المصدر يرد قول أبي يعقوب بن الزيات :” سمعت أبا العباس أحمد بن إبراهيم الأزدي يقول: سمعت أبا الصبر أيوب بن عبد الله يقول: سمعت أبا يعزى يقول : ما لهؤلاء المنكرين لكرامات الأولياء ,والله لو كنت قريبا من البحر لأريتهم المشي على البحر عيانا. 
نماذج من كراماته: 
تواترت أخبار معاصريه عن قدرته على المكاشفة؛فما زاره زائر إلا قال له: “أنت كذا وقصدك كذا, وجئت لكذا.
قال أبو العباس العزفي:” ما زال أبو يعزى يكاشف الواردين ويقول :سرقت كذا ياهذا؛وعصيت يا هذا ؛واذا بكتاب الشيخ أبي شعيب ورد عليه من أزمور يقول له: استر عباد الله ولا تفضحهم؛فقال: والله لولا أني مأمور بهذا ما فضحت أحدا ولسترتهم؛إنما قيل لي قل فقلت. 
وفي ” النفحات القدسية للورنيدي” يرد ذكر ما جرى بين السلطان الموحدي عبد المومن بن علي الكومي و الشيخ أبي يعزى: "بعد تكاثر جموع الواردين على الشيخ ,وخيف منهم على الدولة, تحرك السلطان صوبه,فلما كان في منتصف الطريق بعث إليه .أقبل أبو يعزى راكبا حمارا فأخذ عبد المومن يختبر قدرته على المكاشفة ,حتى يشهدها عيانا؛فأخبره الشيخ بأن حماره يأكله الأسد الليلة.قال عبد المومن:” ائتوا بحماره واجعلوه في مربط خيلنا .بات الحرس يحرسون الى طلوع الفجر فتفرقوا؛وإذا بالأسد قد افترس الحمار ,وبقي هناك رابضا.لما طلع النهار ,وعرف بذلك الخليفة فأراد أن يعرف الشيخ به ,فعرف فقال:أريد أن أقف عليه ؛فسار حتى وقف عليه والأسد رابض ,فتقدم إليه فضربه بعصاه ضربة فخر ميتا ,فنقل ذلك للخليفة فقال: اعتبروا بهذه القصة ,فانه ما ضربها لكم إلا مثلا ,وجعلها لكم تأديبا ؛كأنه يقول لكم: أنا رب الدابة ,فقتلها الأسد فسلطت عليه فقتلته,وأنا عبد ربي إليه ,فان قتلتموني غضب لي سيدي ,فيفعل ذلك بكم." 
وحكى العزفي وصاحب النجم وابن الزيات أن أبا الحسن الصايغ قال:”خرجنا لزيارة الشيخ أبي يعزى ,فلما كان الغروب خرجنا لنتوضأ ,وبعدنا عن القرية ,واذا بالأسد حال بيننا وبينه ,فقيل ذلك لأبي يعزى ,فخرج بعصاه واشتغل يضرب الأسد حتى أبعده ؛فلما لحقناه وجدناه يأكل عيون الدفلى ,فقال للترجمان ,إذ كان لا يحسن العربية إلا القليل منها: ما تقولون أنتم معشر الفقهاء في من يأكل عيون الدفلى فقلت له: قل له الذي يأكل الدفلى يطرد الأسد عن أصحابه ؛ولما قالها له رأيته يبتسم. 
وحكايته مع أبي محمد عبد الله بن عثمان وصديقه (وهو من أهل فاس),مما يرويه صاحب التشوف. 
ذات وفادة عليه أقبل على الزوار وهم جلوس – وكان أسود اللون طويلا- فطفق يقبل رؤوسهم واحدا واحدا.”قال لي صاحبي :هذا أسود حاذق,فقلت له : تحفظ ولا تتكلم في ولي من الأولياء. لما انتهى أبو يعزى قبل رأسي ولم يقبل رأس صاحبي ؛بل مسح بيده على صدره ثم قال: أما هذا فلن اقبل رأسه ,حتى يذهب من قلبه الذي فيه ؛فتعجب صاحبي من ذلك وقال لي : تبت إلى الله تعالى مما كتمت في ضميري….فأمر لنا الشيخ أن نكون في بيت ننفرد فيه عن الناس ,وقال لنا: أنتم لا تحملون أن تكونوا مع الجموع … أتى بعض خدمته بطعام الشعير وعليه الخبيز في صحفة فقال لي صاحبي: ما سقتنا إلا لنأكل من بقول الأرض والبراري ,فقلت له: ألم تتب إلى الله من أمثال هذا ؟ وإذا نحن بالشيخ أبي يعزى قد أقبل بطبق فيه رغيفان من البر ,وصحفة فيها لحم مشوي من لحوم الضأن ,فقال لي : قل لصاحبك هذا لو أقام عندي شهرا ما أطعمه غير هذا الطعام ,فعلى ما يلومك ؛وإنما خلط الخديم بذلك الطعام ,قبل أن آمره بما يأتيكم به من طعام ..اشتد عجب صاحبي من ذلك فقال لي : والله لا عدت إلى ذلك أبدا.. 
ونقل صاحب”النجم الثاقب فيما لأولياء الله من المفاخر والمناقب” ,والإمام العزفي والتادلي ,عن أبي الصبر أيوب الفهري ما جرى له مع أبي يعزى ؛اذ قام عنه ,وقد كانا جالسين يتحدثان ؛فسمعه وهو يطارد حيوانا إلى أن بعد,وبعد ذلك سمع لغطا كبيرا,يعلوه صوت أبي يعزى وهو يقول: من أين دخل الحرام إلى ماشيتي؟ ولما عاد أخبره بأن بعض المقيمين في الجوار كانوا سرقوا ماشية من الرعاة ؛ولما تتبعهم هؤلاء واستردوا ماشيتهم أكملوا منها ما نقص من ماشيتي ؛وهذا ما جعل الأسد يهاجم الماشية لأن بها ما ليس لي ؛فقمت اليه وطردته بعصاي..
ومما رواه أبو العباس العزفي ,وابن الزيات عن محمد ابن عبد الكريم أنه قال :”صلينا الجمعة مع الشيخ أبي يعزى ,في عام جدب ؛فلما خرج من المسجد(يقال أنه جامع الأندلس بفاس) تلقاه الناس وشكوا اليه احتباس المطر عنهم ,فنزع شاشية من العزف كانت فوق رأسه ورمى بها ,وأرسل دموعه ,وبقي يتضرع باللسان الزناتي (أمزغن,أمزغن)أي : ياضيفي وياسيدي ويامولاي ,هؤلاء ساداتي طلبوا مني أن أستسقي لهم ,وماقدري,قال: وما زال يبكي ويتضرع حتى غيمت السماء ,وأمطرت في الحين .قال محمد بن عبد الكريم: فنزعت نعلي ومشيت حافيا ,من كثرة الأمطار ..
ولأبي يعزى كرامات عديدة ,متواترة, بعد مماته قال أبو العباس زروق يحث على الزيارة:” لاسيما من ظهرت كراماته بعد مماته,أكثر من حياته , كالشيخ أبي العباس السبتي ؛ ومن ظهرت كراماته في حياته ومماته سواء, كالشيخ أبي يعزى .واعلم أن هذا الإمام بلغت كراماته حد التواتر". 
مجاهداته
يقول الشيخ أبو العباس الهروي التادلي:” أما مجاهداته (أبو يعزى): فقل من يصل إليها من الأكابر؛نقل عنه الزيات في التشوف ,وصاحب النجم والعزفي أنه قال "أقمت في البراري سائحا خمس عشرة سنة ,لا آوي الى معمور ,وكنت أتقوت بالجُمار ونبات الأرض ؛وكانت الأسود والطيور تأوي إلي في ساحتي ,وتتآنس بمجاورتي".
” لم يكن يشارك الناس في معاشهم لا في مجاهداته ,ولا في نهايته، حتى لقي الله على أكمل حال” 
وروي عن عبد العزيز الهسكوري أن أبا يعزى قال:” أقمت عشرين سنة في الجبال المشرفة على تمليل ,التي بين الغيل المنسوبة لآيت مدوال ودمنات، وليس لي فيها اسم إلا أبوجرثيل( صاحب الحصير,لعدم لبسه سواه) ثم انحدرت الى السواحل فأقمت بها ثمان عشرة سنة لا اسم لي فيها سوى أبي ونلكوط ؛ومعناه ,عند العامة, النبات المعروف بطول أمازيره ؛لأنه لا ينبت إلا في الأزبال ولا يأكله الناس ولا الدواب كان في آخر حاله يأكل البلوط ,يطحنه ويعجنه أقراصا فيقتات بها” (التشوف) 
يقول بعض العارفين- نقلا عن أحداد محمد السوسي: ” ستة من المشايخ قليل من بلغ مجاهدتهم ,أولهم أبو يعزى وثانيهم سيدي عبد القادر الجيلاني ,وثالثهم سيدي سهل بن عبد الله ,ورابعهم سيدي الخير الصباحي ,وخامسهم الهزميري ,وسادسهم أبو يزيد البسطامي" في حالة أبي يعزى لم تتأسس المجاهدة على علم حصله، شأن الصوفية العلماء ،فهو رجل أمي قضى , طفولته بمسقط رأسه . ولد عام442ه-بهسكورة , ناحية ورززات(جنوب المغرب)؛حيث كان يرعى ماشية والده ” فلما اشتد عوده واستقامت أحواله قرر أن يغادر بلده هائما على وجهه ,عله يصيب معيشة رغيدة ,لكن القدر ساقه إلى الوقوع في الأسر ,لدى جماعة من النصارى بشاطئالصويرة .بقي هناك أزيد من ست سنوات يخدم هذه الجماعة بأجرة بسيطة .هذا ما جعله لم يتمكن من القراءة والكتابة .ذهبت به هذه الجماعة الى أوروبا فاشتغل بها زمنا ,معينا. محمد السوسي رغم أميته ,وعدم حفظه للقرآن ,إلا بعض قصار السور؛كان يوقف المخطئ ليصحح قراءته ؛ولما قيل له :كيف تعرف هذا وأنت لم تحفظ ,أجاب: أرى نورا يخرج من فم القارئ؛وحينما يخطئ ينقطع النور. 
وسئل عن كيفية معرفته بمن لم يتوضأ من المقبلين على الصلاة فأجاب: أشم منهم رائحة الكلاب. أما تاركو الصلاة فكان يرى دخنا على وجوههم.. 

رحم الله أبا يعزى يلنور الذي توفي عن عمر يناهز مائة وثلاثين سنة في شوال عام 572 للهجرة حسبما حققه المؤرخ المرحوم عبد الوهاب بن منصور في أعلام المغرب العربي. 

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق