آخر الأخبار

جاري التحميل ...

في أدب السائر في سيره إلى حضرة ربه


بسم الله الرحمن الرحيم 
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وخاتم النبيين وعلى آله وصحبه اجمعين.


القرآن نزل وتنزّل، فالنزول قد مضى والتنزل باق إلى يوم القيامة، فإن الحق تعالى مستبد الوجود والوجود مستمد والمادة من عين الوجود، فلو انقطعت المادة لانهدم الوجود، لا يصلح سماع هذا العلم إلا لمن حصلت له أربعة : الزهد والعلم والتوكل واليقين، الحق تعالى مطلع على السرائر والظواهر في كل نَفَسٍ وحال فأيُّما قلب رآه مؤثرا له حفظه من طوارق المحن ومضلات الفتن، فإن الحق تعالى يجري على ألسنة علماء كل زمان بما يليق بأهله، إذا ظهر الحق لم يبق معه غيره. من تحقق بالعبودية نظر أعماله بعين الرياء وأحواله بعين الدعوى وأقواله بعين الافتراء، فإن عمرك نَفَسٌ واحدٌ فاجتهد أن يكون لك لا عليك، فإن من اشتغل بطلب الدنيا ابتلي بالذل فيها، لا تعمى عن نقصان نفسك فتطغى، من تزيّن بزائل فهو مغرور، فالحميةُ في الأبدان ترك المخالفة بالجوارح والحميةُ في القلوب ترك الركون إلى الأغيار والحمية في النفوس ترك الدعوى، فإن أنفع العلوم العلم بأحكام العبيد وأرفع العلوم معرفة التوحيد، جعل الله قلوب أهل الدنيا محل للغفلة والوسواس وقلوب العارفين مكانا للذكر والاستناس، فإن الخوف يسوقُ ويعوقُ يسوقُ إلى الطاعة ويعوقُ عن المعصية، لا ينفع مع الكبرِ عمل ولا يضرُّ مع التواضع بطالة، إن أقامك ثبتت وإن قمت بنفسك سقطت، اللهم فهمنا عنك فإنا لا نفهم عنك إلا بك، فليس من ألبس ذلّ العجز كمن ألبس عز الاقتدار، فإن من طلب لنفسه حالاً أو مقاماً فهو بعيد عن طرقات المعاملة، فالسعيد من يإس من الفرح إلا من عند مولاه، فإن أفضل الطاعات عمارة الوقت بالمراقبات، فالفتوة أن لا تشتغل بالخلق عن الحق، الفتوة رؤية محاسن العبيد والغيبة عن مساوئهم، فإن من أخلص لله في معاملته تخلص من الدعوى الكاذبة، فإن أهل الصدق قليل في أهل الصلاح، فالفقر نور ما دمت تستره فإذا أظهرته ذهب نوره ، الجمع ما أسقط تفرقتك ومحى إشارتك والجمع استغراق أوصافك وتلاشي نعوتك، فإن المدّعي من أشار إلى نفسه، إنما حرموا الوصول لترك الاقتداء بالدليل وسلوكهم الهوى، فالتوكل وثوقُك بالمضمون واستبدال الحركة بالسكون، وانصف الناس من نفسك واقبل النصيحة ممن دونك تدرك بشرف المنازل، من لم يجد في قلبه زاجراً فهو خراب، فتوكل على الله حتى يكون الغالب على ذكرك فإن الخلق لم يغنوا عنك من الله شيئاً، فبالمُحاسبة يصل العبد إلى درجة المراقبة، فقد الأسف والبكاء في مقام السلوك عَلم من أعلام الخدلان، إذا سلى القلب عن الشهوات فهو معافاً، من لم يستعن بالله على نفسه صرعته، من لم يقم بآداب أهل البدايات كيف يستقيم له دعوى أهل النهايات، اطرح الدنيا على من أقبل عليها وأقبل على مولاك، من تفرغ من أشغاله أقامه الحق في خدمته، شتان بين من همته الحور والقصور وبين من همته رَفع الستور، فإن العبد من انقطعت آماله إلا من عند مولاه ، المحفوظون على طبقات محفوظ عن الشرك والكفر بالهداية، ومحفوظ عن الكبائر والصغائر بالعناية، ومحفوظ عن الخطرات والغفلات بالرعاية.



التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية