آخر الأخبار

random
جاري التحميل ...

كتاب : التحقيق فيما ينسب لأهل الطريق (3)


قال المُلَّا علي القاري : اعلم أن نبينا عليه الصلاة والسلام قد أوتي فواتح الكلام وخواتمه وجوامعه ولوامعه، فبعث بالعلوم الكلية والمعارف الأولية والأخروية على أتم الوجوه فيما يحتاج إليه السالك في الأمور الدينية والأخروية، ولكن كلما ابتدع شخص بدعة سعوا في جوابها واضطربوا في بيان خطئها وصوابها، فالعلم نقطة كثرها الجاهلون ولذلك صار كلام الخلف كثيرا قليل البركة، بخلاف كلام السلف فإنه كثير البركة، والمنفعة والفضل للمتقدمين لا ما يقول جهلة المتكلمين أن طريقة المتقدمين أسلم، وطريقتنا أحكم وأعلم، وكما يقول من لم يقدر قدرهم من المنتسبين إلى الفقه أنهم لم يتفرغوا للاستباط وضبط قواعده وأحكامه اشتغالا منهم بغيره، ومتأخرون تفرغوا لذلك فمنهم أفقه بما يتعلق هنالك، فكل هؤلاء محجوبون عن معرفة مقادير السلف وعن علومهم وقلة تكلفهم. فتالله ﻣﺎ ﺍﻣﺘﺎﺯ ﻋﻨﻬﻢ المتأخرون ﺇﻻ ﺑﺎﻟﺘﻜﻠﻒ ﻭﺍﻹﺷﺘﻐﺎﻝ ﺑﺎﻷﻃﺮﺍﻑ التي ﻛﺎﻧﺖ همة ﺍﻟﻘﻮﻡ ﻣﺮﺍﻋﺎﺓ أصولها ﻭﺿﺒﻂ ﻗﻮﺍﻋﺪﻫﺎ ﻭﺷﺪ معاقدها، وهممهم مشمرة إلى المطالب العالية في كل شيء، فالمتأخرون في شأن والقوم في شأن وهو سبحانه وتعالى كل يوم هو في شأن وقد جعل الله لكل شيء قدرا. انتهى.

وقال أيضا : وأما قول بعض الجهلة أن الفقر اء يسلم لهم حالهم فكلام باطل بل الواجب عرض أحوالهم وأفعالهم على الشريعة المحمدية وعلى الكتاب والسنة النبوية فما وافقها قبل وما خالفها رد كما ورد : (من أحدث في امرنا ما ليس منه فهو رد) فلا طريقة إلا طريقة الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم، ولا شريعة إلا شريعته ولا حقيقة إلا حقيقته ولا عقيدة إلا عقيدته ولا يصل أحد من الخلق بعده إلى الحق ولا إلى رضوانه وجنته وكرامته إلا بمتابعة رسوله باطنا وظاهرا، ومن لم يكن له مصدقا فيما أخبر ملتزما لطاعته فيما أمر من الأمور الباطنة التي في القلوب والأعمال الظاهرة التي على الأبدان لم يكن مؤمنا فضلا عن أن يكون وليا ولو طار في الهواء وسار في الماء وأنفق من الغيب وأخرج الذهب من الغيب ولو حصل له من الخوارق ماذا عسى أن يحصل فإنه لا يكون مع تركه الفعل المأمور وترك المحظور إلا من أهل الأحوال الشيطانية المبعدة لصاحبهاعن الله وبابه، المقربة إلى سخطه وعقابه. وأما من اعتقد من بعض البله والمولهين مع تركه لمتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله وأحواله أنه من أولياء الله فهو ضال مبتدع مخطئ في اعتقاده فإن ذلك الأبله إما أن يكون شيطاناً زنديقا او مزورا كاذبا متخبلا أو مجنونا جذورا، ولا يقال يمكن أن يكون هذا متبعا في الباطن وإن كان تاركا للاتباع في الظاهر فإن هذا خطأ أيضا بل الواجب متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم ظاهراً وباطناً، والطائفة الملامية وهم الذين يفعلون ما لا يلامون عليه ويقولون نحن متبعون في الباطن ويقصدون إخفاء أعمالهم ضالون مبتدعون مخطئون في فعلهم ما يلامون عليه وهم عكس المرائين زوروا باطلهم بباطل آخر والصراط المستقيم بين ذلك وكذلك الذين يصعقون عند سماع الأنغام هم مبتدعون ضالون وليس للإنسان أن يستدعي ما يكون سبب زوال عقله، ولم يكن في الصحابة والتابعين من يعمل ذلك ولو عند سماع القرآن، بل كانوا كما وصفهم الله تعالى : (إذا ذُكِرَ اللهُ وَجؤلَتْ قلوبُهُم). وما يحصل لبعضهم عند سماع الأنغام المطربة من الهذيان والتكلم ببعض اللغات المخالفة للسانه المعروف منه فذلك شيطان يتكلم على لسانه كما يتكلم على لسان المصروع وذلك كله من الأحوال الشيطانية. وأما ما يتعلق بقصة موسى مع الخضر عليه السلام في تجويز الاستغناء عن الوحي بالعلم اللدني الذي يدعيه بعض من عدم التوفيق فهو ملحد زنديق، فإن موسى عليه السلام لم يكن مبعوثاً إلى الخضر ولم يكن الخضر مأموراً بمتابعته، ولهذا قال له أنت موسى بني إسرائيل قال نعم ومحمد صلى الله عليه وسلم مبعوث إلى جميع الثقلين بل إلى جميع الكونين، ولو كان موسى حيّاً لَما وسعه إلا اتباعه، وإذا نزل عيسى إلى الأرض إنما يحكم بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم. فمن ادعى أنه مع محمد كالخضر مع موسى او جوز ذلك لأحد من الأمة فليجدد إسلامه. واما الذين يتعبدون بالرياضات والخلوات ويتركون الجمع والجماعات فهم من الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا. وكل من عدل من اتباع الكتاب والسنة إن كان عالما فهو مغضوب عليه وإلا فهو ضال، ولهاذا شرّع الله لنا أن نسأله في كل صلاة أن يهدينا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين غير المغضوب عليهم ولا الضالين.

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق