اسمحوا لي ياإخوان أنه في بعض الأحيان تهب علينا نسائم الريحان، أو نقول طائف من الجنان، فيزداد الفؤاد تولّعاً بطريقتنا المباركة، طريقة الجنيد وعبد القادر والشاذلي وحمزة وجمال وسائر أهل الحضور والعيان، فتزداد الرغبة في التبيان وإيضاح المعاني الأقدسية التي شاءت الأقدار أن تمرَّ، من حيِّنا، فأنبثت من الثمار حبات الزيتون أضاءت قلوبنا بزيتها الوهّاج فأضحت ظاهرة للعيان، يلتمسها الظمآن.
فنحتار من أين نبدأ وقد امتلأت الصحف والمجلات والنِّت بالأغيار، وقلّما تجد من يشفي غليلك ويردّك إلى الصراط السوي المستقيم، صراط الذين جعلوا غايتهم وسبيلهم الوصول إلى حضرة العزيز الكريم.
فيصيبنا الكلل والملل، كلما وجدنا شيوخا يتكلمون أويكتبون عن أهل الصلاح وقلوبهم مليئة بالحقد والكراهية، وسوء الظن بأمة الحبيب عليه الصلاة السلام. فهذا فلان عندهم من أهل النار، وهذا علان من الجنان، ونسوا قول النبي صلى الله عليه وسلم : (الخلقُ عيالُ اللهِ فأحبُّهم إلى اللهِ أحسنُهم لعيالِه). وتناسوا أن التصوف : (هو الخُلق فمن زاد عليك في الخلق فقد زاد عليك في التصوف).
ولكن مع هذا وذاك نجد إن للقلب عين يرى بها ما لا ترى العيون، يرى أن نور الله لا ينطفئ، وأن أهل الله وهم الأوتاد لا يزيدون ولا ينقصون، لا يزيدون بصلاحنا ولا ينقصون بفسادنا، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم ( لن تخلو الأرض من أربعين رجلا مثل خليل الرحمن فبهم يسقون وبهم ينصرون ، ما مات منهم أحد إلا أبدل الله مكانه آخر ).
فتزيد همتنا ورغبتنا في البقاء،وخدمة طريقتنا السمحاء الخالية من الشوائب، العامرة بالأنوار المحمدية "كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ ۗ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ" والسلام.
الحسن بن أحمد