نفحات الطريق

يعنى الموقع بالتأصيل الشرعي للتصوف المقتبس من مشكاة نور النبوة والتعريف بمقامات وأعلام الصوفية. إلى جانب نشر كتب ورسائل عن التصوف.

آخر الأخبار

random
جاري التحميل ...

قطبية الشيخ و مبدأ وحدة العلوم في الطريقة

قطبية الشيخ و مبدأ وحدة العلوم في الطريقة

حينما يوجهنا الشيخ نحو الكتابة و التأليف فلا ينبغي أن يفهم بانحصاره في إطار علم التصوف كسلوك أو أذواق و تفسير لأحكام الأذكار و تنقيب في التراث الإسلامي من هذه الجهة فقط، و إنما هو أمر بالنهضة العلمية الشاملة، الكل في تخصصه، سواء كانت علوما شرعية و عقدية أو علوما تقنية و طبية وهندسية أو اقتصادية و اجتماعية و تاريخية . . .الخ.
و هو ما يجعلها تصبح علوما إسلامية بالضرورة حسب توجه الباحث فيها و أساسه العقدي و الروحي الذي تغذيه الطريقة بالذكر و القرآن، و صحبة الشيخ كقدوة مأذون من الله تعالى و وارث للرسول صلى الله عليه و سلم في دعوته على بصيرة.
و هذا الاتجاه لدى الشيخ في البحث العلمي الشامل يؤكد مبدأ وحدة العلوم عند الصوفية، بحيث قد تصبح كلها متناسقة و ذات غاية واحدة، تخدم عقيدة التوحيد و تؤدي إليه ما دام المتخصص فيها قد التزم طلب الحق مبدأ ونهاية.
إذ كما يقول أبو حامد الغزالي أن " جميع العلوم مقدمات و وسائل لمعرفة الأول الحق جل جلاله".
و من هنا يمكن فهم الوازع للشيخ أحمد بن عجيبة في تفسيره منظومة الأجرومية النحوية على قواعد ذوقية كما هو معلوم، و هذا مسلك صوفي دقيق لا يعرفه حق معرفته إلا المتمكنون جيدا في مجال العلم والمعرفة ظاهرا و باطنا، والذي قد يشخصه عمليا شيخنا سيدي حمزة من خلال توجيهاته للمريدين، و كذلك من خلال بعض تطبيقاته بحسب المناسبة الداعية إلى ربط المعنى الذوقي بالعلوم الاصطلاحية.
و لقد كانت بيننا ذات مرة محادثات، و خاصة حول الصحبة في الله تعالى، و انتقال أحوالها و مقاماتها من خلال الاستشهاد بسيرة الرسول صلى الله عليه و سلم وصحابته و حبهم له، فقلت لشيخي نقلا عن بعض العلماء أسلوب تعدي المحبة وانتقالها بصيغة: "محبوب المحبوب محبوب" فأجابني على الفور والبديهة من قاعدة نحوية " و المعطوف على المرفوع مرفوع".
و هذا نموذج من عدة أقوال تؤكد مبدأ و حدة العلوم عند الشيخ و قوة التناسق المعرفي لديه مما قد ينعكس على مريديه انعكاسا إيجابيا جدا، حتى إننا لنجد أساتذة في علوم الفيزياء أو الرياضيات و الطب و غيرهم يتصدرون المجالس لإلقاء دروس في علوم الشريعة و السلوك و اللغة والتجويد . . .الخ ربما قد لا يصل إلى مستواهم و تناسق أفكارهم ومعلوماتهم كثير من الخائضين في مجالات الفقه و الأصول و الفكر والحضارة كتخصصات نظرية محضة، و ذلك لأنهم يفتقدون العنصر الذوقي الرابط بين الحقيقة و المجاز و الواقع و المثال، والشخص و التمثال "وتلك الأمثال نضربها للناس و ما يعقلها إلا العالمون".
د. محمد بنيعيش

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق