آخر الأخبار

جاري التحميل ...

النفحات الإلهية في كيفية سلوك الطريقة المحمدية (3)

والحاصل أن المجاهدة تتم بها المشاهدة، قال بعض الأشياخ : "كل من ليس له بداية محرقة ليس له نهاية مشرقة"، فالبداية يُطالَب فيها المريد بالتصفية والتخلية ليحظَ بالتحلية.

 فالتصفية : مِن "صَفت الماء" إذا استخلصته مما فيه من الكدر حتى رجع لأصله صافيا ليس فيه ما يغيره، فكذلك ينبغي للمريد أن يصفي بمجاهدته ما كدر صافي سريرته من التعلق بالأغيار والوقوف مع الأوهام والأفكار، فإذا صفا القلب من ذلك وعاد نورا بعد أن كان ظلاما حالك، ولم يبق له التفات إلى الغير، في حال السلوك والسير، يكون قد صفا لكنه لا يتم له هذا المقام إلا بعد مجاهدة تامة إذا قعد أو قام. 

والتخلية : هي التخلي عن السوى وترك السَّالك ما به من هوى، ولها سببان : الذكر والفكر، فبالذكر تُشرِقُ الأنوار، فيتَّضح السُّبل وتفرِّق الأكدار، وبالكثير منه والقليل، يبرء المسموم ويُشفى العليل، وبالفكر يعرف العبد ما يناسب حاله فيلوي إليه إماله،وما لا ينفعه تَرَكه وَوَضعه. 

والتصفية والتخلية لا يكونان في العقل والفكر والقلب والروح والسر والحواس الظاهرة، وهما كناية عن التطهير والتقديس، فطهارة العقل : عدم وقوفه عند كون من الأكوان. وطهارة الفكر : أن لا يمر فيه ما يشغله عن الرحمن، وإذا كنت في الوقوف مع المأمور مقهور أعطيت بمجاهدتك كمالا أو أجورا. وطهارة القلب : فراغه وتصفيته عن الأغيار، ودوام توجهه للعزيز الغفار. وطهارة الروح : عدم الوقوف مع الفيض والفتوح، والتحقق بحقائق العبودية، والخروج عن الوجود بالكلية، وطهارة السر : عدم شهود السوى والغيبة به فيه عن كل ما يرى. وطهارة الحواس الظاهرة بمياه الفيوضات الباهرة، وطهارة السمع : عدم السماع إلا منه، وعدم التلقي إلا به عنه. وطهارة العين : عدم شهود غير العين في كل أين وبين وحسن وشين. وطهارة الشم : في استنشاق الحي وقد تم. وطهارة ذوقك أيها الطالب في كمال شوقك إن كنت راغب، وطهارة لمسك في غيبتك عن حسك، في يومك وأمسك، وعن الإيضاح بأزيد من هذا فلنمسك.

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية