آخر الأخبار

جاري التحميل ...

شرح حكم الشيخ الأكبر : القوم لا يتكلمون في دفاترهم إلا ببعض ما شاهدوه ببصائرهم.

فلو تكلم بجميع ما تكلم به الغير فما تكلم إلا ببعض ما عنده، وكل ما تكلم به من الغيبيات فهو بعض ما شاهده ببصره فضلاً عن بصيرته، وإليه الإشارة بقول الشيخ قُدِّس سرَّه : (القوم لا يتكلمون في دفاترهم إلا ببعض ما شاهدوه ببصائرهم) أي : القوم المعروفون وهم المحقّقون الموقنون الموحدون توحيدًا حقيقيًّا ذوقيًّا شهوديًّا الذين من آدابهم وسيرتهم ظاهرًا وباطنًا المحبّة الخالصة لله تعالى التي ليس فيها طلب كشف الحجاب ورفع العقاب، ولا حصول الثواب، وفناء من نفوسهم وغيرهم لا عمل مكدود ولا بقاء مع شيء مما في الدارين لا يتكلمون في دفاترهم، ولا يألفون في كتبهم إلا بعض ما شاهدوه ورأوا ببصائرهم أي : لا بصيرتهم؛ لأن الشهود عند المؤلف قدس سره على ما قال في اصطلاحاته الخاصة هو : الرؤية بالبصر.

وعند بعضهم : هو الرؤية بالبصيرة بحيث تُشابه الرؤية بالبصر كمال المشابهة، ولا يتكلمون بجميع ما شاهدوه ببصائرهم؛ لأنهم لو تكلموا به لأدى إلى المحال، والمؤدي إلى المحال مُحال؛ وذلك لأن قلبهم يسع الحق لمَّا مرَّ، والحق يسع الأشياء كلها، فالقلب يسعها أيضا فتكون كلماته كلمات الرب ووَرد : {لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي} [الكهف : 109]، فكلمات العارف كذلك فلا يتكلم، بل لا يمكن التكلم إلا ببعض ما شاهدوه، أو نقول : لا يتكلم القوم إلا بالبعض دون الكل؛ لأن بعض ما شاهدوه مما لا يقال أو لا يجوز فيه القول، فلا يتكلمون إلا بما يُقال، ويجوز فيه أن يُقال.

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية