آخر الأخبار

random
جاري التحميل ...

الطرق الصوفية في الجزائر

الطرق الصوفية في الجزائر

تدل غزارة المؤلفات في التصوف في المغرب مقارنة بالمشرق على الفرق بين تاريخهما، فيما تحويه كتب تاريخ المغرب، و ما ذلك إلا للدور الذي لعبته في شتى المجالت، و لاسيما المجال السياسي، سواء في الجزائر أو في باقي أقطار المغرب العربي الإسالامي. ففي المغرب الأقصى كانت الدعامة الأساسية لبعض الأسر المالكة نتيجة ارتباطها بالطرق الصوفية بفضل السلطة الروحية على الشعب. أما في الجزائر فمنها من ناوئ الدولة العثمانية، وفرضت عليها حروبا كبدتها خسائر معتبرة كالطريقة الدرقاوية. و منها من حارب االاستعمار الفرنسي كالرحمانية. أما في تونس فالأمر ال يختلف مع الطريقة الشابية و كذلك األمر بالنسبة لليبيا مع الطر يقة السنوسية، وهي معلومة الحال. فالتاريخ المغربي على العموم فيه من التصوف أكثر من خبر من بين الأخبار الأخرى لذلك تحتل الطرق الصوفية مكانة بارزة في المجتمع المغاربي و لاسيما في الفترة الحديثة أين زاد نفوذها، و اتسع انتشارها. و لنذكر أهم الطرق الصوفية بشيء من التفصيل في الجزائرو المغرب. 

- الطريقة القادرية 


نبذة عن مؤسس الطريقة


تنسب إلى الولي الصالح العالم العارف بالله عبد القادر الجيلاني أو الكيلاني ، كانت ولادته رضي الله عنه في الليلة الأولى من رمضان سنة أربعة مائة و سبعين من هجرة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم.

 أما نسبه من طرف والده فهو: عبد القادر، بن أبي صالح موسى جنكى دوست، ابن عبد الله، بن يحي الزاهد، بن محمد بن داود، بن موسى الثاني، بن موسى الجون، بن عبد الله المحض، بن حسن المثتى، بن حسن، بن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ورضي الله عنهم أجمعين. 

وأما نسبه من طرف والدته، فهي : أم الخير أمة الجبار فاطمة، بنت السيد عبد الله الصومعي الزاهد، ابن أبي جمال الدين السيد محمد، ابن السيد محمود ابن طاهر، ابن الإمام أبي العطاء السيد عبد الله، ابن الإمام السيد كمال الدين عيسى، ابن الإمام أبي العلاء محمد الجواد، ابن الإمام علي الرضا، ابن الإمام موسى الكاظم، ابن الإمام جعفر الصادق، ابن الإمام محمد الباقر، ابن الإمام زين العابدين، ابن أبي عبد الله الحسين، ابن الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه و رضي عنهم أجمعين . 

و مؤلفاته المذكورة لمؤرخي تاريخ التصوف تدل على صوفيته منها الفيوضات الربانية، وفتوح الغيب، والغنية لطالب طريق الحق ، الفتح الرباني، و غيرها، و ترجم له كثير من المؤرخين مسلمين، و مستشرقين، و شغف به الكثيرون، و بطريقته. 

أما علمه، و ورعه، و مناقبه فقد شاع ذكرهم في الغرب، والشرق، و أصبح محبوبا في كل مكان وإلى اليوم ومع هذا الورع، والتقوى، والزهد، فقد ذكروا أنه كان يتطيلس، ويلبس لباس العلماء، و يلبس الرفيع من القماش ويركب البغلة، وترفع بين يديه الغاشية، ويتكلم على كرسي عال. و كان في كلامه سرعة، وجهر، وله كلمة مسموعة. إذا تكلم أنصت له، وإذا أمر بشيء ابتُدر لأمره. 
ومن صفات أخلاقه أنه كان سريع الدمع، شديد الخشية، كثير الهيبة، مجاب الدعوة، كريم الأخلاق، طيب الأعراق، أبعد الناس عن الفحش، أقرب الناس إلى الحق، شديد البأس إذا انتهكت محارم الله. لذا ذاع صيته في الأرجاء، و أقبل الناس عليه في حج أو غيره لزيارته، وانتقل اسمه فصار على كل لسان. 

وهناك أوراد متواترة عنه رضي الله عنه سنذكرها في محلها، و نلحقها ببعض ما أثر عنه من دعاء. و سند الشيخ الجيلاني في التصوف، و الخرقة إلى الحسن البصري إلى علي بن أبي طالب إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم.  

 والحديث عن الشيخ عبد القادر الجيلاني لا ينتهي، وقد افردوا له مصنفات، و كل علم من هؤلاء نهر لا ينضب معينه لما تركوه سواء من أحوال أو علم.

 لذا ليس غريبا أن تنتشر طريقته في كل مكان، و بالخصوص في المغرب الإسلامي، و بالأخص في الجزائر، و أكثر أسماء أبنائها باسمه. خلف الشيخ الجيلاني نحو الأربعين ذكرا على ما قيل، وقيل ستة عشر ذكرا و ثمان بنات، و من أعقاب الشيخ عبد القادر الجيلاني، السيد إبراهيم شيخ شرفاء فاس. 

فأول قادم منهم على فاس سيدي محمد الثاني، و كان قدومه أواخر المائة التاسعة. و من القادريين فرقة ببني سنوس يقال هم أولاد شعيب، و من أولاد شعيب فرقة بولهامة يقال لهم أولاد محمد الأشهب، فمنهم أولاد عبد الرزاق. و من أولاد لقمان فرقة بزمورة تعرف بأولاد أبي شيبة، و من أولاد سيدي عبد الرزاق فرقة بعين الصفرة تعرف بأولاد سيدي محمد بودخيل، ومنهم شرذمة بتلمسان و الدويرات بقصر أربا بإزاء أبيض سيد الشيخ، ومنهم فرقة ما بين الجلفة، و أبي سعادة بالجزائر يعرفون بأولاد سيدي علية. 

ومن فروع سيدي عبد الوهاب فرقة بإزاء مدينة سعيدة من عمالة وهران تعرف بالوهابة، و من أولاد عبد القادر فرقة بإزاء تيارت تعرف بالقوادرية، و فرقة بالصحراء، وفرقة بوجدة، منهم أفراد بالبيض سيد الشيخ و فرقة بندرومة. هؤلاء هم القادريون لأن سلفهم قدموا من بغداد في وقعة التتار خوفا من الفضيحة، والعار، كانوا أولا بالكوفة، ثم انتقلوا إلى الجزيرة الأندلسية، فسكنوا منها وادي آش، ثم بدا لهم في الانتقال، فسكنوا غرناطة، ومنها دخلوا فاس. فمنهم من استوطنها، ومنهم من بدا له في الانتقال والتجول و سكن غيرها. وهذا النسب انتشر، و توزع على المغرب العربي، و من هؤلاء انتشرت الطريقة القادرية. حتى وإن اختُلف في هجرة إبراهيم إلى الأندلس أو أنه جاء إلى المغرب مباشرة، ومنها انتقل إلى منطقة الأوراس؛ فهذا لا يمنع من انتشار الطريقة بداية بتأسيس أول ز اوية بالمنعة على يد إبراهيم هذا. 

وبالرغم من تفرعها إلى عدة طرق إلا أنها كانت مرتبطة بالطريقة الأم في بغداد من حيث الممارسة المتمثلة في الحضرة والذكر الواحد. و يقوم المقاديم بزيارة الطريقة الأم من أجل أخذ التعليمات في تثبيت المقاديم الجدد أو إنشاء فروع أخرى، وغيرها. و لا يفوت المقاديم إن تقدم بأحدهم العمر من ترك من يخلفهم، و إذا فجاءهم الموت اختاروا أثناء الحضرة من يتقلد هذا المنصب. و بعد ذلك يطلبون مصادقة شيخ الطريقة ببغداد. 

فالطريقة القادرية لها أتباع لا يمكن حصرهم، و على وجه الخصوص بالجزائر، و المغرب الأقصى و دليل ذلك عدد الزوايا المنتشرة في كل ربوع الوطن، و بصفة أخص بغرب الجزائر؛ و منها على سبيل المثال لا الحصر زوايا بكل من : زمورة، والشلف، وتيارت، والوادي، وورقلة، والأوراس، وكنتة . ففي إقليم وهران وحده يوجد أكثر من مائتي زاوية و قبة تحمل اسمه بغض النظر عن المساجد. و قد توزع أبناء و أحفاد الشيخ عبد القادر الجيلاني في أغلب المناطق كما ذكرنا سابقا، ومن المشايخ الذين نشروا الطريقة القادرية سيدي بومدين الغوث وتلميذه سيدي عبد السالم بن مشيش.

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق