آخر الأخبار

random
جاري التحميل ...

شرح الحكم العطائية (190) : حُقوقٌ فِي الأوقاتِ يُمْكِنُ قضاؤُها، وحُقوقٌ فِي الأوقاتِ لا يُمْكن قَضاؤُها.

شرح الحكم العطائية (190) : حُقوقٌ فِي الأوقاتِ يُمْكِنُ قضاؤُها، وحُقوقٌ فِي الأوقاتِ لا يُمْكن قَضاؤُها.


(حُقوقٌ فِي الأوقاتِ يُمْكِنُ قضاؤُها، وحُقوقٌ فِي الأوقاتِ لا يُمْكن قَضاؤُها : إذْ ما مِنْ وقتٍ يَرِدُ إلّا وللهِ علَيْكَ فِيهِ حَقٌّ جدِيدٌ، وأمْرٌ أكِيدٌ، فكَيْفَ تقضِي فِيهِ حَقَّ غيْرِه، وأنْتَ لمْ تقْضِ حَقَّ اللهِ فِيه ؟!)


قلت : أما الحقوق التي في الأوقات : فهي الطاعة التي عيَّن الله تعالى لها وقتاً محدوداً؛كالصلوات الخمس والستت المؤكّدة، وكذلك الزكاة والصيام لهما وقتٌ محدود في العام، فإذا خرج وقتها أمكن قضاؤها وإن كان يًسمَّى مُفَرِّطاً لكن بعض الشر أهون من بعض.

وأما حقوق الأوقات بأنفسها فهي مراقبة الحق أو مشاهدته كل واحد على قدر وسعه (لايُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا مَا آتَاهَا)[الطلاق:7]، وهذه الحقوق إذا فات وقتها لا يمكن قضاؤها، إذ الوقت الثاني له حق مخصوص لا يسع غيره، فما من لحظة إلَّا ويجب عليك فيها أن تكون عاملاً لله مشتغلاً فيها بما يوصلك إلى قربه ورضاه، وهذا معنى قوله :

إذْ ما مِنْ وقتٍ يَرِدُ إلّا وللهِ علَيْكَ فِيهِ حَقٌّ جدِيدٌ، وأمْرٌ أكِيدٌ، فكَيْفَ تقضِي فِيهِ حَقَّ غيْرِه، وأنْتَ لمْ تقْضِ حَقَّ اللهِ فِيه ؟!


قلت : ما من وقت أو لحظة ترد عليك أيها العبد إلّا ولله عليك فيها حق جديد، من ذكر أو فكرة أو نظرة أو من مراقبة أو مشاهدة أو من خدمة حسيّة أو معنويّة، {قَدْ عَلِمَكُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ}[البقرة:60].

وأمر أكيد من التحقق بالعبودية والقيام بوظائف الربوبية، فإن غفلت عن الحق الجديد أو الأمر الأكيد في وقت ما ودخل الوقت الثاني فقد فاتك القضاء وندمت على ما مضى، فكيف يمكن أن تقضي في الوقت الثاني حق غيره وهو أيضاً له حق يجب عليك أن تؤديه فيه، فلا يمكنك أن تقضي حق الوقت الأول في الوقت الثاني، وأنت لم تقض حق الله فيه، أي في الوقت الثاني.
والحاصل أن كل وقت له حق، فإن فات فلا قضاء له، ولذلك قالوا في الآداب : التصوف هو ضبط الأنفاس وحفظ الحواس. والأنفاس : هي دقائق الساعات وضبطها : هي عمارتها بأنواع الطاعات، فإذا ضيّع حقوق الساعات خرج عن أدب التصوف، والله تعالى أعلم.

قال الشيخ أبو العباس رضي الله عنه : "أوقات العبد أربعة لا خامس لها، نعمة أو بلية، طاعة أو معصية، وله على عبده في كل وقت منها حق، ففي النعمة الشكر، وفي البلية الصبر، وفي الطاعة شهود المنَّة، وفي المعصية اللجأ والإنابة وطلب الإقالة" بالمعنى. وفي هذا المعنى قال عليه الصلاة والسلام : «مَن أُعْطِيَ فَشَكَرَ، وَابْتُلِيَ فَصَبَرَ، وَ وَظُلِمَ فَغَفَرَ، وَأَذْنَبَ فَاسْتَغْفَرَ» ثُمَّ سَكَتَ قَالُوا: «مَا لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: {أُولَئِكَ لَهُمُالْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ}»، أي لهم الأمن يوم القيامة وهم مهتدون في الدنيا. وقيل لهم الأمن في الدارين، وهم مهتدون إلى حضرته في الكونين.

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق