آخر الأخبار

جاري التحميل ...

التربية النبويّة -21


تنوع مسالك التزكية بتنوع أصحابها :


وهذه الخاصية من كمال علمه صلى الله عليه وسلم بالنفوس والاستعدادات والإرادات، فكان صلى الله عليه وسلم يتصرف بحسب ما ينفع كل سائل أو مستفسر، أو مسترشد، فيهديه إلى ما تتزكى به حاله، وتتحسن أخلاقه، ويعلو مقامه، وهذا الضرب من الفعل النبوي كثير في السنة النبوية.

فعن عبد الله بن مسعود قال : سَأَلْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أيُّ العَمَلِ أحَبُّ إلى اللَّهِ؟ قالَ: «الصَّلاةُ علَى وقْتِها، قالَ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: «ثُمَّ برُّ الوالِدَيْنِ»، قالَ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: «الجِهادُ في سَبيلِ اللَّهِ».1

وَسُئِل رسولُ اللهِ صلى الله عليه و سلم : أيُّ العملِ أفضلُ ؟ قال : «إيمانٌ بِاللهِ وَرسولُهِ»، فَقيلَ : ثُمَّ مَاذَا ؟ قاَلَ : «الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ»، قيل : ثمَّ مَاذَا ؟ قال : «حَجٌّ مَبْرُورٌ».2

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي ذرّ الغفاري :«اتَّقِ اللهَ حيثُما كنتَ، وأَتْبِعِ السيئةَ الحسنةَ تَمْحُها، وخالِقِ الناسَ بخُلُقٍ حَسَنٍ».3

وَقِيلَ يَا رَسولَ اللَّهِ، أيُّ الإسْلَامِ أفْضَلُ؟ قالَ: «مَن سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِن لِسَانِهِ، ويَدِهِ».4

وسأل رجل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَيُّ الْإِسْلَامِ خَيْرٌ؟ قَالَ: «تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ، وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ».5

وعن أبي برزة قال : قُلتُ: يا نَبِيَّ اللهِ عَلِّمْنِي شيئًا أَنْتَفِعُ به، قالَ: «اعْزِلِ الأذَى عن طَرِيقِ المُسْلِمِينَ».6

وعن أبي أمامة قال : أتيتُ النبي صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ فقلتُ مُرني بأمرٍ آخذُهُ عنْكَ يَنْفَعُنِي اللهُ بِهِ، قالَ : «عليْكَ بالصَّومِ ، فإنَّهُ لا مَثِيلَ لَه».7

إن هذا هو حال المزكي الكامل، الذي يتطور مع جميع الأطوار، ويأتي جوابه شافيًا لحال السائل، موافقا إرادته واستعداده للعمل ، خاصا به، وحكمه عام في حق الأمة، وتكون استفادة الصحابي بقدر عمله بالنصيحة ووقوفه عند الإشارة النبوية، ففي الامتثال لذلك خير عظيم يعود على صاحبه، لأن قول الرسول صلى الله عليه وسلم يعد إذنا خاصًّا لصاحبه يخرج بنور يعطي صاحبه القوة على العمل، فمن استغلَّ هذا الإذن النبوي أفلح وذلك ما نلحظه في سيرة هؤلاء الصحابة، من جد واجتهاد، ومداومة على أعمال الخير والصلاح.

وفي هذا الإطار يكون المربي متصفا بصفة مهمة يحتاج إليها في علاقته بالناس، وهي الانسجام والتوافق مع من يصحب فلا يفرض عليهم أسلوبًا معينًا في التعامل، بل يكون تابعا لهم في كل أحوال معاشهم، ولكنه في ذلك يبقى المربي والمزكي والمطهر.

فعن زيد ابن ثابت قال : أن النبي صلى الله عليه وسلم كنا إذا جلسنا إليه، إن أخذنا بحديث في ذكر الآخرة أخذ معنا، وإذا أخدنا في ذكر الدنيا أخد معنا وإذا أخدنا في ذكر الطعام والشراب أخد معنا، فكل هذا أحدثكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

**   **   ** 

1 - صحيح البخاري كتاب الإيمان.
2 - المرجع نفسه، كتاب مواقيت الصلاة.
3 - سنن الترمذي، كتاب البر والصلة.
4 - صحيح البخاري، كتاب الإيمان.
5 - المرجع نفسه.
6 - صحيح مسلم، كتاب البر والصلة.
7 - مسند الإمام أحمد.
9 - أخلاق النبي وآدابه للحافظ الأصبهاني.

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية