قالَ كَعْبُ الأَحْبَارِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : لَمَّا أَرَادُ اللهُ تَعَالَى أَنْ يَخْلقَ مُحَمَّدًا صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ إلَى جِبْرِيلَ أَنْ يَأْتِيَهُ بِالطِّينَةِ الَّتِي هِيَ قَلْبُ الأَرْضِ وَبَهَاؤُهَا وَنُورُهَا، فَهَبَطَ وَمَعَهُ مَلاَئِكَةُ الفِرْدَوْسِ وَالرَّفِيقْ الأَعْلَى، فَقَبَضَهَا مِنْ مَحَلِّ قَبْرِهِ الشَّرِيف وَأَصْلُهَا مِنْ مَحَلِّ الكَعْبَةِ الشَّرِيفَةِ، مَوَجَّهَا الطُّوفَانِ إلَى هُنَاكَ فَعُجِنَتْ بِمَاءِ التَّسْنِيم، ثُمَّ غُمِسَت فِي أَنْهَارِ الجَنَّةِ، حَتَّى صَارَتْ كَالدُّرَّةِ البَيْضَاءِ، ثُمَّ طَافَتْ بِهَا المَلاَئِكَةُ حَوْلَ عَرْشِ اللهِ وَالسَّمَوَاتِ وَالأَرضَيْنِ وَالبِحَارِ فَعَرَفَت المَلاَئِكَةُ وَجَمِيعُ الخَلْقِ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قَبْلَ أَنْ تَعْرِفَ آدَمَ، وَلَمَّا ظَهَرَ آدَمُ لَمَعَ نُورُ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ فِي جَبِينِهِ، ثُمَّ خَلَقَ اللهُ مِنْ ضِلْعِهِ الأَيْسَر حَوَّاءَ لِأَنَّهَا خُلِقَتْ مِنْ حَيٍّ وَهُوَ نَائِمٌ، وسُمِّيَتْ حَوَّاءَ مَا أَنِ اسْتَيْقَظَ، وَنَظَرَهُ سَكَنَ إلَيْهَا وَمَدَّ يَدَهُ لَهَا، فَقَالَتِ المَلاَئِكَةُ : مَهْ يَا آدَمْ ! قَالَ : لِمَا وَقَدْ خَلَقَهَا اللهُ تَعَالَى ؟ فَقَالَت : حَتَّى تُؤَدِّي مَهْرَهَا، قَالَ : وَمَا مَهْرَهَا ؟ قَالُوا : أَن تُصَلِّي عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، وَفِي رِوَايَةٍ : عِشْرِينَ مَرَّة، فَفَعَلَ، ثُمَّ أُهْبِطَ إلَى الأَرْضِ لِمَا أَرَادَهُ اللهُ تَعَالَى مِنَ الحِكْمَةِ البَاهِرَةِ الَّتِي لَوْ لَمْ يَكُنْ إلَّا لِيُوجَدَ نَبِيُّنَا مُحَمَّدٍ وَقْتَ أَوَانِهِ فِي أُمَّةٍ الَّذِينَ هُمْ خَيْرُ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ لَكَفَا، فَوَلَدَتْ لَهُ أَرْبَعِينَ وَلَدًا فِي عِشْرِينَ بَطْنًا، فِي كُلِّ بَطْنٍ ذَكَرًا وَأُنْثَى، وَوَضَعَتْ شِيسًا وَحْدَهُ كَرَامَةَ لِمَنْ أَطْلَعَ اللهُ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ وَارِثُهُ، وَلِهَذَا بِالنُّبُوَّةِ انْتَقَلَ النُّورُ المَصُونُ المُحَمَّدِيُّ إلَيْهِ، وَلَمَّا تَوَفَّى آدَمُ كَانَ شِيسٌ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَصِيٌّ عَلَى وَالِدِهِ، ثُمَّ أَوْصَى شِيسٌ وَلَدَهُ بِوَصِيَّةِ آدَمْ، أَنْ لَا يَضَعَ هَذَا النُّورَ إلَّا فِي المُطَهَّرَاتِ مِنَ النِّسَاءِ، وَلَمْ تَزَلْ هَذِهِ الوَصِيَّة جَارِيَةً تَنْتَقِلُ مِنَ النِّسَاءِ، وَلَمْ تَزَلْ هَذِهِ الوَصِيَّة قَرْنٍ إلَى قَرْنٍ إلَى قَرْنٍ، إلَى أَنْ أدَّ اللهُ النُّورُ إلَى عَبْدِ المُطَّلِبِ وَوَالِدِهِ عَبْدِ اللهِ، فَطَهَّرَ اللهُ هَذَا النَّسَبُ الشَّرِيفَ مِنْ سِفَاحِ الجَاهِلِيَّة وَمَا كَانُو عَلَيْهِ، ثُمَّ طَهَّرَ هَذَا النُّور فِي جَبْهَةِ أَبِيهِ عَبْدُ اللهِ الذَّبِيحِ، الَّذِي فَدَاهُ اللهُ تَعَالَى مِنْ إرَادَةِ أَبِيهِ ذَبْحَهُ وَفَاءً لِنَذْرِهِ لَمَّا دَلَّهُ عَلَى بِئْرِ زَمَزَمَ وَكَانَتْ دَثْرَة، فَنَجَّاهُ اللهُ تَعَالَى بِبَرَكَةِ هَذَا النُّورَ بِأَنْ أَلْهَمَ أَبَاهُ أَنْ يَفْدِيَهُ بِمِائةِ بَعِيرٍ، وَ لَمَّا فُدِيَ أَدْرَكَتْ أَمْرُهُ مِنْهُ ذَلِكَ النُّورُ فَخَطَبَتْهُ إلَى نَفْسِهَا، وَتُعْطِيهِ المِائَةَ الَّذِي فُدِيَ بِهَا، فَأَبَا هَذَا لِإِذْنِ أَبِيهِ، فَذَهَبَ بِهِ أَبُوهُ إلَى وَهْبٍ بَنِي عَبْدِ مَنَافِ، بْنِ زَهْرَة نَسَبًا وَشَرَفًا، فَزَوَّجَهُ لِوَقْتِهِ آمِنَةَ أَفْضَلَ امْرَأَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ، فَوَقَعَ عَلَيْهَا مِنْ فَوْرِهِ فَحَمَلَتْ بِمُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ، فَظَهَرَ عِنْدَ حَمْلِهِ عَجَائِب، وَوُجِدَ لِإيجَادِهِ غَرَائِب، وَذَكَرُوا أَنَّهُ لَمَّا اسْتَقَرَّتْ نُطْفَتُهُ الزَّكِيَّة وَدُرَّتُهُ المُحَمَّدِيَّة، فِي صَدَفَةِ آمِنَةَ القُرَشِيَّة نُودِيَ فِي المَلَكُوتِ وَمَعَالِمِ الجَبَرُوتِ أَنْ عَطِّرُوا المَقْدِسِ الأَسْنَى، وَبَخِّرُوا جِهَاتِ الشَّرَفِ الأَعْلَى، وأَفْرِشُوا سِجَّادَاتِ العِبَادَاتِ فِي صَفَا الصَّفَاءِ لِصُوفِيَّةِ المَلاَئِكَةِ المُقَرَّبِينَ أَهْلِ الصِّدْقِ وَالوَفَاءِ، فَقَدْ انْتَقَلَ النُّورُ المَكْنونِ إلَى بَطْنِ آمِنَة ذَاتِ العَقْلِ البَاهِر، وَالفَخْرِ المَصُونِ، وَقَدْ خَصَّهَا القَرِيبُ المُجِيبُ بِهَذَا السَّيِّد المُصْطَفَى الحَبِيب؛ لِأَنَّهَا أَفْضَل قَوْمِهَا حَسَبًا، وَأزْكَاهُمْ فَرْعًا وَأَطْيَب.
- رحاب الطريقة
- -رحاب الطريقة
- -شيخ الطريقة البودشيشية
- -تعريف الطريقة البودشيشية
- التصوف
- -مصطلحات صوفية
- -تصوف
- -الإشارة
- -أعلام التصوف
- -التربية والسلوك
- حكم وأقوال
- -مقالات
- -دراسات وأبحاث
- المكتبة
- -تصفح الكتب
- -تحميل الكتب
- -مختارات من كتب التصوف
- -مجلة "تفحات الطريق"
- متفرقات
- مرئيات
- القرآن الكريم
- -القرآن الكريم برواية ورش
- -تفسير القرآن
- الحكم العطائية
آخر الأخبار
random
جاري التحميل ...
random
روعة
ردحذف