آخر الأخبار

جاري التحميل ...

قالت رابعة العدوية


قالت رابعة العدوية:
أحبك حبين حب الهوى ... وحبا لأنك أهل لذاك
فأما الذي هو حب الهوى ... فشغلى بذكرك عمن سواك
وأما الذي أنت أهل له ... فكشفك للحجب حتى أراك
فلا الحمد في ذا ولا ذاك لي ... ولكن لك الحمد في ذا وذاك
أشارت رضي الله عنها إلى أن محبة العبد لله على قسمين:
- قسم ناشئ عن شهود الإحسان.
- وقسم ناشئ عن شهود الجمال.
فأما الأول الذي هو ناشئ عن شهود الإحسان فلا شك أن العبد إذا نظر إلى إحسان الله تعالى وانعامه عليه بضروب النعم الحسية والمعنوية أحبه لا محالة لأن القلوب مجبولة على حب من أحسن إليها وهذا هو المسمى بحب الهوى.

وهو مكتسب لأن الإنسان مغمور باحسانات الله إليه وهو متمكن من النظر فيها، فلا يزال يطالع نعمة بعد نعمة ومنة بعد منة وكل نعمة أعظم من التي قبلها فتعظم محبته لمولاه، وبذلك يبلغ قصده ومناه.
وأما الثاني وهو الناشئ عن شهود الجمال فإن العبد إذا كشف الحجاب عن قلبه وزالت عنه لموانع والقواطع رأى جمال الحق وكماله وأشرقت أنوار الحضرة وسناها على قلبه، والجمال محبوب بالطبع فانعقدت المحبة بينه وبين مولاه.
وإنما خصصت رابعة رضي الله عنها الحب الناشئ عن شهود الجمال بالأهلية دون الأول وأن كان أهلا للجميع لأن هذا منة الله لا كسب للعبد فيه والآخر فيه سبب وعمل العبد معلول.
وقولها: "فشغلى بذكرك عمن سواك" من باب التعبير بالمسبب عن السبب والأصل فثمرته شغلى بذكرك.
وقولها أيضا:" فكشفك للحجب حتى أراك" من باب التعبير بالسبب عن المسبب عكس ما قبله والأصل فسببه ومنشؤه كشف الحجاب حتى رأيتك بعين قلبي.
وقولها:" فلا الحمد في ذا ولا ذاك لي.."الخ ،إخبار منها بأن الحبين معا منه وإليه في الحقيقة لا كسب لها في ذلك،وادراك التفاوت بين ما تؤثره شربه المحبة الناشئة عن شهود الإحسان وما تؤثره شربه المحبة الناشئة عن شهود الجمال ونعوت الكمال، وأن أثر الثانية أقوى من أثر الأولى بل لا نسبة بينهما ضروري عن كل ذائق قاله الفاسي في شرح الرائية، فقول الشيخ رضي الله عنه لم تجعل له من حبك نصيبا يحتمل أن يكون من إضافة المصدر إلى الفاعل والمفعول والأول أبلغ لأن محبة الله لعبده أعظم لأنها أصل محبة العبد لمولاه قال تعالى: "يحبهم ويحبونه".

فمن أعطاه الله تعالى من حبه المذكور نصيبا فقد حاز ربح الدارين وفاز بقرة العين ومن حرمه ذلك فقد خسرت صفقته وبان غبنه وخيبته نسئل الله منته ورحمته قال زيد بن أسلم رضي الله عنه: أن الله عز وجل ليحب العبد حتى يبلغ من حبه له أن يقول له اصنع ما شئت فقد غفرت لك.
ايقاظ الهمم                                                                                   

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية