آخر الأخبار

جاري التحميل ...

شرح الحكم الغوثية :انكسارُ العاصي خيرٌ من صَولة المُطيع.

يقول سيدي أبو مدين الغوث :

"انكسارُ العاصي خيرٌ من صَولة المُطيع"

يقول الشّيخ أحمد العلاوي مفسّرا هذه الحكمة: لا يوجد في الطّاعة ما يفيد القرب أكثر من انكسار القلب، لقول الحقّ عزّ وجلّ في بعض كلامه : « أنا عند المنكسرة قلوبهم »، فأينما وجدت منكسر القلب إلاّ وتجد فيه رائحة القرب ، وأين الحضور مع المولى لمن كانت له صولة ؟ قال صلّى الله عليه وسلّم : « أقرب ما يكون العبد من ربّه وهو ساجد » [ رواه مسلم ]. وليس المراد من السّجود وضع الجبهة على الأرض ، بل المراد من ذلك الانكسار والتّذلّل.قال ابن عطاء الله السّكندري : " ربّ معصية أورثت ذلاّ وانكسارا خير من طاعة أورثت عزّا واستكبارا ". وأيّ طاعة مع الصّولة، وأيّ معصية مع الانكسار ؟
منكسر القلب كلّه قرب ، يرى نفسه هو أحقر الموجودات ، يستغيث في كلّ الأوقات، ويقول: النّجاة ! النّجاة ! (أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ ) [سورة النّمل: 62]، فلا جرم يأخذ الله بيده ويغمسه في بحر رحمته (فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ)[سورة الفرقان: 70]. 
فلا دخول على الله إلاّ من باب الانكسار ، وإنّ الله لا يقبل من عباده إلاّ المذنب ، أي منكسر القلب ، المقرّ بذنوبه ، الجازم أن لا يعود لمثلها ، « التّائب من الذّنب كمن لا ذنب له » [ رواه ابن ماجة والبيهقي ]، (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) [سورة البقرة: 222]. 
المفتخر بالطّاعة مريب ، فكم أخذ الله بيد المذنبين المنكسرة قلوبهم ، وكم أبعد الطّائعين المتعزّزين بطاعتهم المعتمدين على أعمالهم . ولهذا قال في الحكم العطائيّة " ربّما قضى عليك بالذّنب، فكان سببا في الوصول ". ولا تحسب أخي أنّ القوم يمدحون المذنبين، فحاشاهم من ذلك ، إنّما يمدحون انكسار القلب الذّي هو أرجح من عمل الثّقلين. 
إيّاك والصّولة والعجب بالعمل ، بارك الله فيك ، فإنّ ذلك لا يغنيك من الله شيئا. والرّجوع إلى الله لا يكون إلاّ بالذّلّ والانكسار. 
قلت في هذا المعنى: 
فليس لي شفيع سوى مذلّتي 
وضعفي وتقصيري وحزني بين الورى
تراني باكي العين تكفيك حالتي 
مهينا مكسور القلب إنّي كما ترى 
تشفّعت إلهي إليك بزلّتي 
فلست جميل الفعل أحدث منه ذكرا

السابق    التالي

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية