آخر الأخبار

جاري التحميل ...

شرح : من علامات صدق المريد في بَدْوِ إرادته فراره عن الخلق.


يقول سيدي أبو مدين الغوث رضي الله عنه : (من علامات صدق المريد في بَدْوِ إرادته فراره عن الخلق، ومن علامات صدق فراره عن الخلق وجوده للحقّ، ومن علامات صدق وجوده للحقّ رجوعه للخلق).

أقول إن قول أبي مدين :  "من علامات صدق المريد في بَدْوِ إرادته فراره عن الخلق" معناه أنَّ المريد في حال الإرادة يسلك منهاجاً شبيهاً بالتوكل في حال الإرادة، لأنه يُذهِبُ اختياره في إرادته، ويُلجئ حكمه إلى المراد فينفر عن الخلق لأجل عرائه عن الحكم المناسب. وهذه علامة متى وجدت لشخص يسمى الحامل لها مريداً بالشرط المذكور من مشابهة التوكل. لأن التوكل قد قال فيه الإمام الكامل سهل بن عبد الله التستري : "كلُّ الأعمال ذو وجه وقفا إلا التوكُّل فإنَّهُ وجهٌ بِلا قَفَا"، فليس له شبيه إلا الإرادة؛ لأن الإرادة يستقل فيها المريد فيها بوجه الترك، مع قطع ظن وجه الترك الذي يكون وجهاً آخر. فالتوكل وجهٌ بغير قفا، لأنّ المتوكل يسند الأمور إلى فاعلها، فيكون ذلك وجهه. وعدم القفا عراؤه عن الفكر في المصالح الدنيويَّة والأخرويّة، فيكون عراؤه عن الالتفات إلى الأسباب هو عدم القفا، كما قيل.

وقوله : "ومن علامات صدق فراره عن الخلق وجوده للحقّ"، وذلك أنه متى فرَّ عن الخلق بانتمائه إلى جهة الحقِّ عطف الحقُّ عليه تنازلاً منه تعالى. لأنه متى وُجد للحقِّ، وجد الحقُّ لوجود قلبه، وذلك الوجود الحقِّي هو لأجل النفور الخلقي، لأن الله لا يمنع من كلِّ الوجوه. فكما أنه أعدمه الخلق في حال الإرادة أوجده نفسه تعالى عند استناده إلى جانبه. فالكشف الصوري الذي يجده المريد مع فراره عن الخلق علامة الصدق.

وقوله : "ومن علامة صدق وجوده للحقِّ رجوعه إلى الخلق" يريد به أنَّ المشاهد للصورة بعد شهوده لا بدَّ من الرجعة. إذ الصورة غاية مراده، ومتى حصل مراد الطالب عاد إلى الخلق.

**   **   **
 شرح-المشاهد-القدسية
ست-عجم-بنت-النفيس-البغدادية

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية