نفحات الطريق

يعنى الموقع بالتأصيل الشرعي للتصوف المقتبس من مشكاة نور النبوة والتعريف بمقامات وأعلام الصوفية. إلى جانب نشر كتب ورسائل عن التصوف.

آخر الأخبار

random
جاري التحميل ...

التجريد في كلمة التوحيد - 28

التجريد في كلمة التوحيد - 28

فصل


اعلم أن هذا التعدد و التنوع و التغير في أحوالك يرجع إليك لا إلى تصرف الحق فيك، فإنه سبحانه وتعالى منزه عن التعدّد والتنوّع والتغيّر إذ هو واحد في ذاته وصفاته، وعلمه واحد وهو محيط بجميع المعلومات، و قدرته واحدة و هى محيطة بجميع المقدورات، والعلم واحد والمعلومات متعددة، والقدرة واحدة و المقدرات متعددة، و تصرفه فيك واحد وتصرفاتك فيه متعددة، و ذكر الإصبعين و اليدين و أمثال ذلك على سبيل السّلس إشارة إلى سرعة التقليب من حال إلى حال، و إلا فهو مقدس عن أن يكون جسماً أو جوهراً أو عرضاً، بل هو خالق الموجودات و الأجسام و الجواهر و الأعراض؛ لأنه لو كان جسماً لكان مؤلـَّـفاً و هو سبحانه و تعالى مؤلـِّـف و ليس بمؤلـَّـف، لو كان جسماً لكان بمكيفاً و هو سبحانه ليس بمكيف، لو كان جسماً لكان مصوراً و هو سبحانه ليس بمصور، لو كان مؤلـَّـفاً لافتقر لمؤلـِّـف لو كان مكيفا لافتقر إلى مكيّف، و او كان مصوَّرًا لافتقر إلى مصوِّرٍ و هو سبحانه مبدع التأليف و التكيف و التصوير ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ) و لو كان عرضاً لافتقر إلى محل يقوم به و هو سبحانه منزه عن أن يحل فى شىء أو يقوم بشىء بل هو قبل كل شىء، كان و لا شيء معه كان، لا مكان و إنس و لا جان و لا سماء و لا أرض و لا عرش و لا فرش و لا ملك و لا فلك و لا شمس و لا قمر و لا عين و لا أثر و لا حجر و لا مدر و لا ماء و لا شجر و لا فضاء و لا ضياء و لا ظلال و لا وراء و لا أمام و لا يمين و لا شمال و لا فوق و لا تحت و لا نبات و لا جماد ، كان قبل كل الأكوان و هو الآن كما كان و لا يزال على ممر الدهور و الأزمان قربه بغير اتصال و بعده بغير انفصال و فعله بغير الجوارح منزه عن الاستقرارو الانتقال تعالى عن التحول و الزوال و تقدس عن الحلول في المحال لا إله إلا الله الكبير المتعال عن الوهم والحس والخيال ليس له شبه ولا مثل و لا نظير و لا معين و لا نظير و لا وزير و لا مشير( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ) ليس له ندٌّ و لا ضدٌّ ولا تحيط به الجهات و لا تغير الحالات، و لاتشبه ذاته الذوات، و لا تُشَاكِلُ صفاته الصفات، تقدست ذاته عن سمات الكائنات، و صفاته عن صفات الحادثات، تنزه القدم عن الحدث و تقدس القديم عن المحدَث.

إن قلت كم، فقد كان قبل الأجزاء والأبدان، وإن قلت كيف، فقد كان قبل وجود الأحوال و الأعراض وإن قلت متى، فقد كان قبل وجود الزمان وإن قلت أين، فقد كان قبل وجود المكان، سبق الأشياء كلها وجوداً، و أخرجها من كَتُمِ العدم فضلاً  وجوداً ( هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ )[الحديد:3]، أول ليس قبله شىء، و آخر ليس بعده شىء، ظاهر لا يستره شىء، باطن لا يكنفه شىء ، واحدٌ ليس كمثله شىء .


التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق