آخر الأخبار

random
جاري التحميل ...

الخطاب الرّوحي في الأدب الصوفي -47

الغزل :


تتجلى في الشعر الصوفي تلك النزعة الوجدانية الغزلية ، المتعطشة إلى الفناء، والمتذوقة لتلك المقامات، والحضرات الإلهية بعد مجاهدة الصوفي لنفسه وقطع المهامه لأن دون الوصول خرق القتاد من عقبات النفس الأمارة بالسوء ،التي تقطع الوصال والأنس ، فالصوفي يصبو إلى مرابع الأحبة كما أشار إليها الشاعر العربي "فكل يُغني على ليلاه"، وقد استعان شعراء الصوفية بالتجربة العذرية ،لما ضاقت بهم أواني اللغة، وصورها ودلالاتها، فلا محبوب عندهم سوى الله ، يقول ابن قيم الجوزية:"لا يمكن أن يجتمع في القلب حب المحبوب الأعلى وعشق الصور ،بل هما ضدان لا يجتمعان، ولا يغفر سبحانه أن يشرك به في هذه المحبة ،ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء".

ومن تلك النماذج نورد:

يقول أحمد بن مصطفى العلاوي(ت1351ه) :

دنـــوتُ مـــن حــيِّ لَيــلى * لمّــا ســمِــعــتُ نِــداهــا
يــا لهُ مـن صـوت يـحـلو * أودُّ لا يــــتــــنـــاهـــى
رضَــت عــنّــي جــذَبــنـنـي* أدخَــلتــنــي لحِــمــاهــا
آنــســتــنـي خـاطَـبـتـنـي * أجــلَســتَــنــي بــجِـذاهـا
فــرّبــت ذاتــهــا مــنّــي * رفَـــعَـــت عــنّــي رداهــا
أدهَــشَــتــنــي تـيَّهـتـنـي * حــيَّرَتــنــي فـي بـهـاهـا
أخذت قوسي ووزني * لكــــــي نتبـــــع غِنــــــاهـــا
أخــذتــنــي مـلَكــتــنــي * غـيـبـتـنـي فـي مـعـناها
بـــدَّلتـــنــي طــوَّرَتــنــي * وســمــتــنــي بــسِــمـاهـا
جــمَــعــتــنــي فــردتـنـي * لقــبَّتــنــي بــكُــنــاهــا

ويقول الأمير عبد القادر (ت 1300ه) :

أوقـــات وصـــلكـــم عـــيـــد وأفـــراح * يا من هم الروح لي والروح والراح
يـا مـن إذا اكـتـحلت عيني بطلعتهم * وحــقّـقـت فـي مـحـيـا الحـسـن تـرتـاح
دبّــت حُــمــيّــاهــم فــي كــل جــوهــرةٍ * عـــقـــل ونـــفـــس وأعـــضـــاء وأرواح
فــمــا نــظــرت إلى شـيء بـدا أبـداً * إلا وأحــبــاب قـلبـي دونـه لا حـوا
نـظـرت حـسـن الذي لا شـيء يـشـبـهـه * فــمــا يــروقُ لقــلبــي بــعــد مــلاح
وليـس فـي طـاقـتـي الرؤيـا لغـيـرهم * ولو قلتني الورى في ذاك أو شاحوا
غــرقــت فـي حـبّهـم دهـرا ألم تـرنـي * فــي بــحــرهــم ســفــن حــقــا ومــلاح
مـاذا عـلى مـن رأى يـومـا جـمـالهـم * أن ليــس تــبــدو له شــمــس وإصـبـاح



التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق