آخر الأخبار

random
جاري التحميل ...

جدلية التصوف والكلام والفلسفة


جدلية التصوف والكلام والفلسفة
بقلم د. ربيع العايدي
رئيس قسم الفلسفة جامعة باشن الامريكية

الرسالة الأولى : 

لقاء ابن عربي بابن رشد


إن جدلية العرفان والفلسفة ما زالت تشغل الدروس البحثية، لبيان موقف كل واحد منهما من الآخر، فمنهم من يرى أنّ العلاقة التي تربط بينهما هي التباين وآخرون يرون التوافق وباحثون آخرون يرون العلاقة قد تكون في بعض الاحيان توافقية وفي احيان أخرى تعاندية.

سأعمل كغيري من المهتمين في محاولة لفك الاشتباك بين هذين العلمين ولكن سأبدأ بذكر قصة جمعت بين عالمين كبيرين :
الأول: محيي الدين بن عربي (٥٦٠ هجري_ ٦٣٨)
والثاني: ابن رشد (٥٢٠ هجري _ ٥٩٥)

ابن عربي الملقب بالشيخ الأكبر يمثل الاتجاه العرفاني، وابن رشد يمثل الاتجاه الفلسفي، ويروي لنا قصة الاجتماع واللقاء بابن عربي في كتابه الفتوحات[1] حيث يقول: (فعندما دخلت عليه قام من مكانه إلي محبة وإعظاما، فعانقني وقال لي (أي ابن رشد): نعم! قلت له: نعم! فزاد فرحه بي لفهمي عنه، ثم استشعرت بما أفرحه من ذلك، فقلت له: لا! فانقبض، وتغير لونه وشك فيما عنده، وقال لي: كيف وجدتم الأمر في الكشف والفيض الإلهي، هل هو ما اعطاه لنا النظر؟ قلت: نعم، لا، وبين نعم ولا، تطير الأرواح من موادها والأعناق من أجسادها فاصفر لونه، وأخذه الإفكل، وأخذ يحوقل وعرف ما أشرت إليه ...) ثم ينقل ابن عربي تعقيب ابن رشد على اللقاء، فيقول: (فشكر الله الذي كان في زمان رأى فيه من دخل خلوته جاهلا، وخرج مثل هذا الخروج من غير درس ولا بحث ولا مطالعة ولا قراءة، وقال: (أي ابن رشد): هذه حالة أثبتناها، وما رأينا لها أربابا ....)

قراءات كثيرة تناولت هذه القصة شرحا وبيانا واستنباطا، لأن هذا الاجتماع بين ابن رشد الذي كان عمره ٥٧ سنة وابن عربي لا يتجاوز ١٧ عاما، هو الأول في عالم الشهادة، وكان بعده لقاء روحي بينهما، والأخير كان في حضور ابن عربي جنازة ابن رشد، كما روى ذلك ابن عربي في كتابه الفتوحات.

اهتمام العلماء بهذا اللقاء نابع من أهمية الشخصيتين من الناحية العلمية ومن الانتماء المدرسي.

فابن عربي الشيخ الأكبر من أكثر الشخصيات عبر التاريخ الإسلامي التي كان لها حضورها العلمي والروحي في آن واحد.

فلا نعرف درسا من دروس العلم الا ولابن عربي فيه قول أو رأي. حتى انه صار لا يمكن لطالب العلم والعالم في الدرس الفلسفي والكلامي أن يستغني عن فهم المباحث التي طرحها ابن عربي.

وهذه كتب ابن عربي وحياته شاهدة على هذه الجهود الجبارة.

إن الحركة الفكرية والعرفانية الكبيرة التي تناولها ابن عربي في كتبه ورسائله فتحت عليه باب قدح كبير، وأيضا باب مدح أكبر، ولو تتبعنا بعض الأرقام التقريبية في الفتاوى التي صدرت في كفره وفسقه والعياذ بالله وجدنا أنها تزيد على المائة وعشرين، وأما فتاوى التعديل فقد زادت على المائة وخمسين.

كتاب الفتوحات المكية والذي يعد دائرة معارف شاملة كان محلا للسجال بين من يعد كاتبه الشيخ الأكبر والإمام التقي، وآخرون يعدونه فاسقا وكافر والعياذ بالله.

أيضا كتاب فصوص الحكم لابن عربي أخذ مساحة كبيرة من الاهتمام فشروح الكتاب وتعليقاته تزيد على المائة والعشرين كتابا، وأما الردود فهي أيضا قريبا من هذا الرقم.

وهذه الأرقام تعطينا مؤشرا علميا على النهضة العلمية والأثر العرفاني الكبير الذي تركه ابن عربي.

إن كتب ابن عربي تزيد عن ٧٠٠ كتابا، والموجود منها ٤٠٠ كتابا، يمكنك أن تتصور بعد ذلك أهمية هذه الشخصية عبر التاريخ الإسلامي.

وعلى الجانب الآخر ابن رشد لا يقل أهمية عن ابن عربي تأثيرا وبحثا، مع ان ابن عربي يعد أكثر إبداعا وإنتاجا من الناحية المعرفية النظرية والعرفانية .

وابن رشد يعدّ رائدا في نقل تراث أرسطو، ومن كبار المحاولين للجمع بين الفلسفة والدين.

وتفيدنا المنقولات عن ابن رشد بأنه لم يكن يتخذ موقفا سلبيا من التصوف بل في بعض الأحيان كان يتمثل موقفا إيجابيا منه.

اللقاء يمكن أن نصفه بأنه كان إشاريا، يفهمه بعضهم ويغفل عن معانيه كثيرون.

وسنلقي الضوء على بعض القراءات لهذا اللقاء:

قراءة الدكتور عبد الباقي مفتاح حيث يرى أن اللقاء بين ابن عربي وابن رشد هو حوار بين عرفان البصيرة وعلم العقل .

وأن الحوار يدور على أمرين:

الأول : مناهج المعرفة للإيمان من جهة الفكر والنظر، ومن جهة الكشف والذوق. وهذا المعنى كان واضحا فسؤال ابن رشد لابن عربي: (كيف وجدتم الأمر في الكشف والفيض الإلهي هل هو ما أعطاه لنا النظر؟ قلت نعم لا ...)

الثاني : الحوار يدور حول مسألة المعاد، والحشر الجسماني في الآخرة.

وكان هذا من خلال قوله: (وبين نعم ولا، تطير الأرواح من موادها والأعناق من أجسادها ...)

يرى الدكتور مفتاح بأن اجوبة ابن عربي أرادت أن تحقق هذين الأمرين.

وأوافق الدكتور مفتاح في الأمر الأول، لأنه واضح من سؤال ابن رشد وجواب ابن عربي، مع أننا ما نلفت الانتباه إليه أن ابن عربي لا يرفض طريق النظر العقلي مطلقا، وإنما يرى أن العقل النظري له مجاله في المعرفة العقدية لا يتجاوزها.

ونزيد الأمر توضيحا بأن ابن عربي ممن يقدرون العقل، حتى إن الكشف عنده لا يقبله مناقصا للعقل.

لكن العقل المجرد النظري له مرتبته التي لا يجوز أن نعتد بها في غير مجالها.

وأما الأمر الثاني والذي أشار إليه الدكتور مفتاح وأن الحوار كان لإثبات الحشر الجسماني، فالعبارة التي قالها ابن عربي لا تسعفه لأن العبارة كانت في نفس المقام الأول وهو المعرفة الذوقية وعلو شأنها على المعرفة النظرية.

وطيران الأرواح هو سموها بالرياضة والذكر لنيل المعرفة الذوقية، فهي معرفة روحية.

وقوله : (والأعناق من أجسادها ...) تعبير مجازي عن حالة التخلي، والعبارة تتحدث عن الجهد الذي يبذله العارف في معرفته الذوقية، لتسمو روحه عن هذا الجسد، فالأعناق اذا طارت من أجسادها مات الإنسان واستطاع الترقي للمعارف الذوقية.

وبالمحصلة العبارة تكملة لنفس الجواب وزيادة بيان في تحصيل المعرفة الذوقية.

وأما القراءة الثانية:

ترى أن السؤال فلسفي والجواب فلسفي، هكذا قال الأستاذ محمد بنيونس، ويرى أن الحوار يخفي الكثير، من المعاني .
وفي الوقت نفسه يرى أن ابن عربي أراد أن يحتوي الفلسفة تحت التصوف، كما أنه يريد اعتراف من الفلسفة للتصوف.

ويمكن أن أقول هنا كما قال ابن عربي نعم ولا!

نعم! الحوار إشاري ويحوي كثيرا من المعاني غير المحكية لذلك كان محل اهتمام ابن عربي، وسطره في كتابه الفتوحات.

أما أن ابن عربي يريد أن يحتوي الفلسفة، وأنه يريد اعتراف من الفلسفة للتصوف، فلا!

ذلك أن ابن عربي لا يهمه أن يحتويها لأنه يرى أن العرفان أعلى شأنا من الفلسفة من حيث المنهج المعرفي وتحقق قضاياه المعرفية.

وأما حرص ابن عربي على أخذ شهادة للتصوف من الفلسفة فهو غلط آخر، إذ كيف يشهد الأدنى للأعلى، وأيضا الحوار ومجرياته تبين بأن ابن رشد هو من أراد شهادة واعترافا من التصوف بأحقية طريق وعلوم الفلسفة.

فكان ينشرح لنعم! وينقبض للا !

وأما القراءة الثالثة :

" للاستاذ محمد المصباحي " .[2]

وقد توسع الكاتب كثيرا حول ما جرى بين ابن عربي وابن رشد، وأراد أن يأخذ من اللقاء مفاتيح وتقاربات للحداثة وما بعدها، فالمؤلف " المصباحي" ينظر الى فكر ابن عربي ينسف الحدود، وفكر لا مركز له، فكره أي ابن عربي مشروع مفتوح على كل شيء ، لا هوية ثابتة ، ابن عربي كل شيء عنده ممكن ، ولا مستحيل عنده وغير هذه الأفكار التي ذكرها المؤلف في تصوير آراء ابن عربي ، وقد ابتعد المؤلف كثيرا عن الصواب في تصوير كلام ابن عربي في هذه الجمل[3] . ولا ننكر أن هناك صوابا في ثنايا الكتاب.

فإن ابن عربي كانت مركزيته واضحة وهي القرآن والسنة ، كما ان ابن عربي يصرح بأن الكشف يأتي بما لا يقدر عليه العقل ولكن لا نسلم بالكشف الذي يكون مستحيلا عقليا .

‏نحن نسلم بأن الصيغة العرفانية مفتوحة على الجميع بالحب القلبي وحب المعرفة حيثما كانت.

لكن ابن عربي في هذه الصيغة المفتوحة لا يترك إيمانه بالحقيقة الواحدة التي يدل عليها العقل والذوق كوجوده تعالى ووحدانيته وأحقية الإسلام وخاتمية سيدنا محمد عليه السلام.

‏وأما ما نحن بصدد شرحه من لقاء ابن عربي وابن رشد، فقد تعرض الكتاب لهذه المسألة ولكن باتجاه آخر فقد قرأ نعم ولا، على انها إجابة تفتح باب التناقض، ونفي الحقيقة الواحدة. فيقول:( ولعل هذا هو بعينه ما تؤم إليه الإجابة المتناقضة نعم ولا التي رد بها ابن عربي على السؤالين اللذين طرحهما عليه ابن رشد في لقائه المشهور بقرطبة فهي الأخرى تتردد بين الإثبات والنفي دون شعور بالحرج ...)[4]

‏فيرى المصباحي ان جواب ابن عربي نعم ولا هي تصريح لازدواجية الحقيقة.

‏إن ابن عربي لم يقصد من نعم ولا، النفي الطلق ولا الإثبات المطلق. كما انه لم يقصد ازدواجية الحقيقة ولكنه قصد ان الحق قد نجده في مسالك متعددة.

وسأرجئ الحديث حول هذا الكتاب لطوله وكثرت تفريعاته الى وقت قريب إن شاء الله تعالى.

والقراءات كثيرة حول هذا الاجتماع وأهميته من الناحية الفكرية والروحية فبعضهم رأى أيضا أنّ اللقاء كان حوارا يدور حول الوجود وناقش موضوع الخلق ؟ ومن القراءات من جدف بعيدا أنّ الحوار باء بالفشل ولم يؤت ثماره .

نعم! هذا هو ابن عربي الشيخ الأكبر ما زال الناس يهتمون بكلامه بين مؤيد ومنكر، وهذا حال الكبار يصعب وضعهم في دائرة واحدة.

وبعد هذه الجولة السريعة مع قراءات حول هذا اللقاء الذي شغل الفلاسفة والعارفين والمتكلمين، نرجع للحديث حول التصوف والفلسفة.

إن التصوف علم ذوقي سلوكي وليس علما مجردا، أي ليس مجرد معلومات فقط، وهذه الإشكالية التي جعلت خصوم التصوف يعترضون عليه ويحاكمونه بغير وجه علمي صحيح.

فيقفون مع اللفظ  دون ما يحمله من ذوق معرفي، وأما الفلسفة فطريقها الفكر.

وخذ على ذلك ما يسمى بأحدية الوجود، ويحملها الخصوم على الذات الإلهية وفي حقيقة الأمر المسألة ذوقية عرفانية، وليست عقيدة تدرس بالأدوات الفكرية .

بمعنى إن هذه المسألة لها تعلقان :

الأول: أن الوجود الذاتي لا يطلق إلا على الله تعالى.

الثاني: الممكنات هل هي متحققة بالوجود الذاتي، ام أنها متحققة في مرتبه من مراتب العدم تكون ظهورا أو مشاهدات ....

ففي المقام الأول لا يمكن أن يختلف أحد من المسلمين ان الوجود الذاتي لله تعالى.

وأما المقام الثاني فالعقل يصف الممكنات بالوجود غير الذاتي، وأما أهل العرفان فلا يصح عندهم وصف الممكن بالوجود لا الذاتي ولا غير الذاتي، إذ المتصف بالوجود هو الحق سبحانه وتعالى، وغيره من الخلق ممكن في مرتبة العدم المشهود وهذا المعنى ذوقي محض.

فإذا تأمل العاقل وجد أن المسألة لا دخل لها بالكفر والفسق إذ هي في المقام الثاني أي الممكنات وتوصيف شهودها.

وأما ذات الحق تعالى فهو الذي يوصف بالوجود الذاتي الحق .

فالذين يربطون هذه المسألة بذات الله تعجلوا الأمر ولم يدركوه فالكلام في الممكنات وتصوير حدوثها وليس في أنّ الممكنات هي ذاته تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.

لذا ركز أهل التزكية على معنى التصوف وجمعوا له عشرات التعريفات حتى لا يحصل الخلط بين التصوف وغيره من العلوم.

وقد عرفه الإمام الشبلي عندما سئل: ما بدأ التصوف، وما نهايته؟ فقال : بدؤه معرفة الله ، ونهايته توحيد الله[5] .

فطريق التصوف لا ينفي العقل ومناهجه في البحث بل يحضون عليها، لذا حرص أهل العرفان على ذكر عقيدة الإسلام (أهل السنة) في كتبهم مع أدلتها العقلية ثم طلبوا من المريد أن لا يقف عندها إذ معرفة الله لا متناهية.

فالتصوف يستمد معارفه من الوحي.

وأما الفلسفة فهي البحث عن نظام الوجود، وجعل الوجود هدفا للبحث.

ظلت الفلسفة ترغب في البحث والتنقيب عن الحقائق وأخذت لذلك سبيل العقل فيما وراء الطبيعة، والتجربة والحس فيما يتعلق بالطبيعة .

وإن علماء المسلمين ترجموا كتب الفلسفة اليونانية وزادوا عليها.

وقد استفاد الغرب من ترجمات المسلمين للفلسفة، قال شيخ الأزهر عبد الحليم محمود :( فإن أوروبا لم يكن فيها من وسيلة أخرى لمعرفة الفلسفة اليونانية في ذلك الزمن، وذلك لانعدام أن التراجم اللاتينية لأفلاطون وأرسطو وهي التي استعملت حينئذ لم تنقل او تترجم من الأصل اليوناني مباشرة، بل أخذت من الترجمة العربية السالفة ....)[6].

فالملاحظة والتجربة كانت معروفة في علوم فلاسفة العرب، والتي كان يجهلها قدماء أوروبا.

ففضل الفلسفة الشرقية على الغربية لا ينكر.

فالحاصل أن الفلسفة طوال قرونها قد خاضت مباحث إثبات الإله وصفاته، فالفلسفة كانت تبحث عن وجود الشيء وعلة وجوده.

وفي ظل الفلسفة العقلية ظهرت مع النهضة العلمية في الغرب ما يسمى بالفلسفة المادية، والتي ربطت كل شيء بالتجربة والحس وأن لا قيمة لما ليس بمحسوس. ومن عباءتها ظهر الإلحاد.

وإنّ الفلسفة العقلية أو الإلهية وقفت بالمرصاد للفلسفة المادية التي أرادت أن تفرغ الانسان من كل ما هو روحاني لتحوله الى مادة فحسب.

والأساس لعامة مباحث الفلسفة المادية القول بأصالة المادة.

‏وأردت هنا ان يميز القارئ الكريم بين الفلسفة الإلهية والتي تدافع عن القيم والغيب والروحاني، وبين الفلسفة المادية التي تقوم على المادة فحسب وتكفر بالخالق.

‏حتى ندرك أن ثناء ابن عربي وغيره من العلماء وموافقته لهم بنعم هو للفلسفة الإلهية، وجوابه بلا، هي للنهج والطريق الفكري الوحيد الذي اعتمدت عليه الفلسفة.

‏فابن عربي لا مانع عنده من الأخذ بالطريقين لكن كل واحد على حده وليسا معا.

‏وإن طريق العرفان طريق صعب وشاق تطير فيه الأرواح وتفنى الأجساد، طريق مبناه السلوك والذوق.

**   **   **

[1] الفتوحات المكية السفر الثاني ص٣٧
[2] كتابه " نعم، ولا، ابن عربي والفكر المنفتح " يتألف من ٢٩٠ صفحة تقريبا
[3] انظر نفس الكتاب، الصفحات التالية ( ١٢,١٣,٢٣......)
[4] نفس الكتاب ص 24
[5] انظر كتاب عوارف المعارف للسهروردي
[6] انظر كتاب اروبا والإسلام ص٧٠

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق