نفحات الطريق

يعنى الموقع بالتأصيل الشرعي للتصوف المقتبس من مشكاة نور النبوة والتعريف بمقامات وأعلام الصوفية. إلى جانب نشر كتب ورسائل عن التصوف.

آخر الأخبار

random
جاري التحميل ...

المريد وعدم الرضا عن النفس

لا ينبغي للمريد أن يمل من التصفية والتشمير ، ولو بلغ من تصفية نفسه ما بلغ ، أو أَظهرت له من الاستقامة ما أظهرت ، قال تعالى : {وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لا يُؤْخَذْ مِنْهَا}[الأنعام:70]

قال أبو حفص النيسابوري رضي الله عنه : من لم يتَّهم نفسه على دوام الأوقات ، ولم يخالفها في جميع الأحوال ، ولم يجرها إلى مكروهها في سائر أيامه ، كان مغرورًا، ومن نظر إليها باستحسان شيء منها فقد أهلكها ، وكيف يصح لعاقل الرضا عن نفسه؛ والكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم ، يقول : { وَمَآ أُبَرِّئُ نَفْسِى إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ } [ يوسف : 53 ] . وقال أيضًا : منذ أربعين سنة اعتقادي في نفسي أن الله ينظر إليَّ نظر السخط ، وأعمالي تدل على ذلك . وقال الجنيد رضي الله عنه : لا تسكن إلى نفسك ، وإن دامت طاعتها لك في طاعة ربك . وقال أبو سليمان الداراني رضي الله عنه : ( ما رضيت عن نفسي طرفة عين ) . إلى غير ذلك من مقالاتهم التي تدل على عدم الرضى عن النفس وعدم القناعة منها بالتصفية التي آظهرت .

فإن قلت : العارف لم تبق له نفس يتهمها؛ لفنائه في شهوده وانطوائه في وجوده؟ قلت : العارف الكامل هو الذي لا يحجبه جمعه عن فرقة ، ولا فرقة عن جمعه ،فإذا رجع إلى شهود فرقه ، رأى نفسه عبدًا متصفًا بنقائص العبودية التي لا نهاية لها ،ولذلك قالوا : للنفس من النقائص ما لله من الكمالات . فلو تطهرت كل التطهير لم يقبل منها ، وإذا نظر إلى نعت جمعه رأى نفسه مجموعًا في الحضرة ، متصفًا بالكمالات التي لا نهاية لها ، فيغيب عن شهود عبوديته في عظمة ربوبيته ، لكنه لا يحجب بجمعه عن فرقه؛ لكماله ، وإلى هذا المعنى أشار في الحكم بقوله : لا نهاية لمذامك إن أرجعك إليك ، ولا تفرغ مدائحك إن أظهر جوده عليك . وبالله التوفيق .

تفسير ابن عجيبة

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق