نفحات الطريق

يعنى الموقع بالتأصيل الشرعي للتصوف المقتبس من مشكاة نور النبوة والتعريف بمقامات وأعلام الصوفية. إلى جانب نشر كتب ورسائل عن التصوف.

آخر الأخبار

random
جاري التحميل ...

التصوف والعرفان

التصوف والعرفان

خطاب العرفان ، خطاب لي ولك ولكل السائرين والسائلين والغرباء وأبناء السبيل ، خطاب يكشف لنا وبنا الجوهر الكامن في الإنسان ، والحقيقة الربانية المنطوية فيه و السارية في وجوده وملكوته ، وعن الحقيقة المحمدية سر حقيقته ووجوده وعرفانه ، حقيقة حقائقه بعالم الذر قبل عالم النسل ، يوم أمضى بقلم الإقرار للباري جل وعلا عهد وميثاق ( ألست بربكم ) ....

خطاب العرفان يكشف للإنسان من حيث هو إنسان ، حقيقة الفطرة التي ولد بها وولدت معه يوم حل ضيفا مباركا إلى هذا الوجود ، الذرة البيضاء التي تناديه من أعماق أعماقه وتطلبه في كل وقت وحين ، أن يقتفي أثرها ويشد الرحال إليها ، ويسري بليل إلى رحاب قدسها على براق من المحبة والشوق والتعظيم ، حيث ملتقى الأرواح ، ومجمع التائبين ، وديوان العارفين ...

حتى إذا حقق الوصل والوصال ، والجذب والفناء ، وصار هباءا في هباء ،عرج مع السفرة الكرام البررة إلى سدرة منتهاه ، فلكل عبد من العباد رحاب قدس ، وديوان محبة ، ومنتهى سدرة يخاطب فيها الحق ويخاطبه ، وحضرة قدس يجالس فيها ربه ويجالسه ، ومقام عرفان يذكر الله فيه ويذكره ، وسفر يصاحب فيه الله ويصاحبه ، وهو معكم أينما كنتم ، ونحن أقرب إليه منكم ولكنكم لا تبصرون....

رحاب قدس ، وديوان عرفان ، ومنتهى سدرة ، دونهم قطاع طريق من جنود اللذة والشهوة والظلم والطغيان والغفلة عن الله ، يقفون بمسرى العباد و سبيل الرشاد وبكل واد للفلاح والصلاح ، قد أقسموا بالله جهد أيمانهم وبعزة ربهم " لنغوينهم أجمعين " ، قد لبسوا لهم مسوح العباد والرهبان والزهاد ، يخاطبونهم بلسان المحبة والنصح والوداد ، أن لا يتركوا شجرة الأماني والآمال ، شجرة عهد الحق من قبل لآدم أنها شجرة الحرمان ، دون أن يحرمه حق التصرف و حق الاختيار ، حتى يكون أهلا للاستخلاف ...

ومناد الفطرة وداعي الحق في باطنه ليس له عليه سلطان ، يطلبه ويناديه أن يقصد حرم فطرته ويطَوف بكعبة أسراره و أنواره وحقائق فطرته ، ليبصر العالم بصفائها وبهاءها وجمالها ، ويعتصم بعروتها الوثقى التي لا انفصام لها ، فيعتق رقبته ويقتحم العقبة إلى سيد ومولاه ، ويقتل نفسه بين يديه ، حتى إذا ما أماته وأحياه ، وأفناه وأبقاه ، بعثه ثانية مولودا جديدا ، حنيفا مسلما بفطرته التي فطر الناس عليها ، يشهد بمولده الجديد أنوارا ساطعة تبدد ليالي ضنكه وحرمانه وعذابه ، حتى إذا أشرقت شمس فطرته وعرفانه ، وعسعس ليل هواه و لهوه وغفلاته ، وأقبل عليه صبح لم يشهد له فيه ربا سواه ، ولا معبودا ولا محبوبا ولا مطلوبا ولا مقصودا غيره ، آتاه سيده ومولاه الحكمة وفصل الخطاب ، والإنجيل والتوراة والقرآن ، وناداه مناد الحق بالحق من جانب الحق أن " أقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ".

حينئذ ينقلب بالحقيقة الأحمدية السارية في وجوده وملكوته سراجا منيرا ، ونفسا مطمئنة راضية مرضية ، ينقلب إلى أهله عنوان حب وعشق وهيام ، وروحا طيبة ، وبلسما شافيا ، وكلمة طيبة تمشي بين الكائنات وسائر المخلوقات ، هدية وهداية ورحمة في العالمين للسائلين والحائرين والغرباء وأبناء السبيل ، وصراطا مستقيما للقاصدين والطالبين ، وبغية للمريدين السائرين ، وتحفة للسالكين العارفين ، يضيء لهم السبيل ، وينير لهم الطريق ، ويسري بهم إلى رحاب قدسهم ، ويعرج بهم إلى منتهى سدرة المعرفة بربهم ، على براق ينتظر كل سالك وطالب وقاصد ، هو براق المحبة والشوق والعرفان .......

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق