نفحات الطريق

يعنى الموقع بالتأصيل الشرعي للتصوف المقتبس من مشكاة نور النبوة والتعريف بمقامات وأعلام الصوفية. إلى جانب نشر كتب ورسائل عن التصوف.

آخر الأخبار

random
جاري التحميل ...

لعدو ترجع به إلى مولاك خير لك من حبيب يشغلك عن مولاك

الإشارة : ينبغي لك أيها العبد أن تكون إبراهيميا حنيفيا ، فتنبذ جميع الأرباب ، وتعادي كل من يشغلك عن محبة الحبيب ، من العشائر والأصحاب ، وتقول لمن عكف على متابعة هواه ، ولزم الحرص على جمع دنياه ، هو ومن تقدمه : أفرأيتم ما كنتم تعبدون ، أنتم وآباؤكم الأقدمون ، فإنهم عدو لي إلا رب العالمين ، الذي خلقني لعبوديته ، فهو يهدين إلى معرفته ، والذي هو يطعمني طعم الإيمان واليقين والإحسان ، ويسقيني من شراب خمرة العيان ، وإذا مرضت بالذنوب فهو يشفين بالتوبة ، أو : مرضت بشيء من العيوب فهو يشفين بالتطهير منها .

أو : إذا مرضت برؤية السوى ، فهو يشفين بالغيبة عنه ، والذي أطمع أن يطهرني من البقايا ، ويجعلني من المقربين يوم الدين . وقال ذو النون رضي الله عنه : يطعمني طعام المعرفة ، ويسقيني شرا ب المحبة ، ثم قال :
شراب المحبة خير الشراب 
وكل شراب سواه سراب
وقال الشيخ أبو يزيد البسطامي رضي الله عنه : " إن لله شرابا ، يقال له : شراب المحبة ، ادخره لأفاضل عباده ، فإذا شربوا سكروا ، وإذا سكروا طاشوا ، وإذا طاشوا طاروا وصلوا ، وإذا وصلوا اتصلوا ، فهم في مقعد صدق عند مليك مقتدر ". 

 قلت : شراب المحبة هو خمرة الفناء والغيبة في الله ، بديل قول ابن الفارض رضي الله عنه :
فلم تهوني ما لم تكن في فانيا .
 ولم تفن ما لم تجتل فيك صورتي
وقال الجنيد رضي الله عنه : ( يحشر الناس يوم القيامة عراة ، إلا من لبس ثياب التقوى ، وجياعا إلا من أكل طعام المعرفة ، وعطاشا إلا من شرب شراب المحبة ).  وقد يستغني صاحب طعام المعرفة وشراب المحبة عن الطعام والشراب الحسيين ، كما قال صلى الله عليه وسلم ، حين كان يواصل : « إني أبيت عند ربي يطعمني ويسقين » .
قال أبو الوراق في قوله تعالى : { الذي هو يطعمني ويسقين } أي : يطعمني بلا طعام ، ويسقيني بلا شراب . قال : ويدل عليه حديث السقاء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ؛ حيث سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ ثلاثة أيام : { وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها } ، فرمى بقربته ، فأتاه آت في منامه بقدح من شراب الجنة ، فسقاه ، قال أنس : ( فعاش بعد ذلك نيفا وعشرين سنة ، ولم يأكل ولم يشرب على شهوة ). 

وكان عبد الرحمن بن أبي نعيم لا يأكل في الشهر إلا مرة ، فأدخله الحجاج بيتا ، وأغلق عليه بابه ، ثم فتحه بعد خمسة عشر يوما ، ولم يشك أنهم مات ، فوجده قائما يصلي ، فقال : يا فاسق ، تصلي بغير وضوء؟ فقال : إنما يحتاج الوضوء من يأكل ويشرب ، وأنا على الطهارة التي أدخلتني عليها . ه . ومكث سفيان الثوري بمكة دهرا ، وكان يسف من السبت إلى السبت كفا من الرمل . ه . وهذا من باب الكرامة ، فلا يجب طردها ، وقد تكون بالرياضة ، وطريق المعرفة لا تتوقف على هذا . والله تعالى أعلم .

تفسير ابن عجيبة

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق