الفرقتان الظاهريتان :
الفرقة الأولى : منها لا يشهدون إلّا نفوسهم، ونتيجة مُلكهم التمتع في الدنيا، وهم ينقطعون على كل حالٍ.
والفرقة الثانية : مُلكهم من الله، نتائجهم شهود النِّعم من الله. قال تعالى : {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ} [النّحل : 53] وهم لا ينقطعون، لشهود النعم من مَولاهم.
والفرقتان الباطنيتان : مُلكهم أيضًا لله، نتائجهم شهود النِّعَمِ مِنَ الله.
والفرقة الرابعة : ملكهم بالله، نتائجهم فيه، النظر في وجه الله، لا يعرفون شيئاً سوى الله، كان الله ولا شيء معه، وهو الآن على ما عليه كان.
فالفرقة الأولى : حُجبوا عن مولاهم بالتمتُّع، لمَّا وقفُوا معه.
والفرقة الثانية : حُجِبوا بالنِّعم عن المُنعِم، لمَّا وقفوا معها.
والفرقة الثالثة : حُجِبوا عن مولاهم بباطن النِّعم.
والفرقة الرابعة : لم يحجبهم عن مولاهم تمتع أهل الدنيا، ولم تحجبهم عن مولاهم لا ظواهر نِعَمِه ولا بواطنها، بل شغلهم النظر في الله عما سواه؛ والجمع عليه فلا يعرفون إلاّ إيّاهُ فَنُوا في ذات الله وبقوا به، صاروا يشهدونه بغير واسطةٍ.
سبحان من خصَّهم وأعطاهم واجْتباهم وقرَّبهم وشرَّفهم بحضرته، وجعلهم أهل مناجاته، فضلاً منه عليهم لا بشيءٍ. سبحان من لا يتوقف فضله على شيءٍ، سبحان من كان قبل وجود كل شيء، ويكون بعد كل شيء. سبحان من كان وليس معه شيءٌ، وهو الآن ليس معه شيءٌ.
نصيحة المريد في طريق أهل السلوك والتجريد