فصل : لما فرغتُ من تكوين هذه العادة، جَرَى الجماعةُ معي على العادة، وسألوني جَلوَتَها على خُطّابها، وعَرْضها على أربابها، وأنا أتلبَّدُ وأتردَّدُ في خِدر نِقابها، إلا عند صَدرٍ تعلّقَ بِقَلبِهِ أسبابُ الشرف ويحظى لديه مَهَايرُ (1) الطرق، وحين استفرَغتُ وسعي في ترجيحها وتكحيلها، واستنفدتُ جهدي في تبويبها وتحجيلها، وامتدَّ في حرز الصِّيانة ثَواؤُها (2) وكادَ يُنشِدُ، والبيضُ قد غسَت وطالَ جِراؤُها، رفعتُها إلى سامي مجلس المولى الرّضا بهاء الدّولة والدين، شهاب الإسلام قاضي القضاة وشمسِهم، مخلص الدولة، معتمد الملوك، فخر الأمّة، شرف الملّة، حجّة الشريعة، علم الهدى، مُقتدى الورى ، أبي الحسن علي بن القسم السّهررَودي أدام الله رفعته، وجعل النشرة رفعته، فهو المجلس تُجلَبُ إليه نتائج الألباب، ويفرغ عليه كل ثناءٍ مُستطابٍ، وتُزفُّ إليه عرائسُ الأفكار، ويُرجع منهُ بالأيادي العُونِ والأبكار، وهو حرس الله مجداً، صدر فريد الدّهر، وفارس مضمار العصر، بل هو الحُسام جلاه صيقل طبعيّ فأخلصه، والغمام أنشأه نَوْءُ فضلي فانتصفه، فها أنا ذا أستحبُّ به ذلك الافتخار، وأجعل الثناء عليه عبر التسبيح وتلاوة القرآن، كفى الله فضائلَه عينَ الكمال، لكأنَّ ابن الرومي نظر إليه فقال : لولا عجائب صنع الله ما ثَبتت تلك الفضائل في لحمٍ ولا عَصَبٍ، وهذا حين ابتدى بأبواب الكتاب والله الموفق للصواب ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
** ** **
1 - جمع مهر
2 - أرض