آخر الأخبار

random
جاري التحميل ...

كتاب : المُعْزى في مناقب الشيخ أبي يَعْزى (13)

وكان يقول في مناجاته: إلهى! همك عطّل عليّ الهموم، وحالَ بيني وبين الرقاد.
ورُوي: إنه كانت جارية تخدمه، فكان لا يأكل إلا الفتيت فيشربه في الماء، فقالت له لشفقتها عليه: أما تشتهي الخبز! فقال لها: بين شرب الفتيت وأكل الخبز قراءة خمسين آية، فما أكلت الخبز منذ خمسين سنة.
وروي: إنه في الليلة التى توفي فيها رآه بعضُ الصالحين وهو يقرأ فقال له: مالك؟ فقال: الساعة تخلّصتُ من السجن، فاستيقظ الرجل وإذا بالصباح ارتفع، فقيل: إن داوود الطائي مات. 
ورُوي: إنه كان يخبز في الشهر ستون رغيفًا، فيعلقها بشريطٍ، ثم يفطر كل ليلة على رغيفين بماء وملح. 
فأخذ يوماً فطورًا، وجعل ينظر إليه فقامت مولاة له سوداء فجاءته بشيءٍ من التمر على طبقٍ، فأفطر عليه وأحيا تلك الليلة إلى الصباح وأصبح صائماً. 
فلما كان الليل أخذ رغيفيه، وجعل يعاتب نفسه ويقول لها: اشتهيت البارحة التمر وأطعمتك، واشتهيت الليلة أيضًا تمرًا، لا ذاق داوود التمر ما دام في دار الدنيا. 
قال محمد بن إسحاق في حديثه: فما ذاق التمر حتى مات.
ويحكى عن الفضيل بن عياض: إنه أتاه يعوده، فلما دخل عليه قال له: أقلل من زيارتي، فقد مللت الناس، ثم قال: ما أخرج الله عبدًا من ذل المعصية إلى عز الطاعة إلا أغناه الله عز وجل بلا مال، وأعزه بلا عشيرة، وآنسه بلا أنيس.
وقال بكر بن محمد: قلت لداوود: دُلّني على رجل أجلس إليه، قال: تلك ضالة لا توجد، وعوتب على ترك التزويج، قال للعاذل: كيف بقلبٍ ضعيفٍ لا يقوم بهمه يجتمع عليه همان.
ومن كلامه في بعض خطبه: 

مَا نَالَ عَبْدًا مِنَ الرَّحمَن مَنْـزِلَة أَعْلَى مِنَ الشَّوْقِ إِنَّ الشَّوقَ مَحْمُودُ

وعن أبي الربيع الزاهد الأعرج فيما نقله صاحب النجم قال: أتيت من واسط لأسمع شيئًا من داوود الطائي، فأقمت على بابه ثلاثةَ أيامٍ لا أصل إليه؛ لأنه كان إذا سمع الإقامة خرج من بيته، فإذا سلَّم الإمام؛ وثب فدخل منـزله. 
قال: فصليت في مسجدٍ آخر، وأتيت وجلست على بابه، فلما جاء ليدخل قلت: ضيف رحمك الله، قال: إن كنت ضيفًا فادخل، فدخلت فأقمت عنده ثلاثةَ أيامٍ لا يكلمني.
فلما كان بعد ثلاثة أيام قلت له: رحمك الله أتيتك من واسط، وإني أحب أن تزودني شيئاً.
صُمْ عن الدنيا، واجعل فطورك الموت، قلت: زدني، قال:فرْ من الناس؛ كفرارِكَ من الأسد غيرِ طاعنٍ عليهم ولا تاركٍ لجماعتهم.
ومن وصاياه:مَنْ خاف الوعيد قرُبَ عليه البعيد،ومَن طال أمله ضَعُفَ عمله، وكل ما هو آتٍ قريبٌ، وكل ما يشغلك عن ربك فهو عليك مشؤمٌ، وإنما أهل القبور إنما يفرحون بما يقدمون، ويندمون على ما يخلفون.
وحكي عنه: إنه صام أربعين سنة ما علم بها أهله.
وعن عبد الله بن إدريس: قلت لداوود الطائي رضي الله عنه: أوصني, قال: أَقْلِلْ من معرفة الناس، قلت: زدني، قال لي: ارضَ بالقليل مع سلامة الدين، كما رضي أهل الدنيا بالكثير مع فساد دينهم، قلت: زدني، قال لي: اجعل الدنيا كيومٍ واحدٍ صُمْتَهُ، ثم افطِرِْْ على الموت. 
وقال بعض الصالحين: رأيت في الليلة التي توفي فيها داوود الطائي رضي الله عنه نورًا، وملائكةً صعودًا، وملائكةً نزولاً، قلت: أي ليلة هذه، قالوا: الليلة التي توفي فيها داوود الطائي رضي الله عنه قد زخرفت الجنان؛ لقدوم روحه. 
ويحكى عنه فيما نقله الأستاذ: إن رجلاً دخل عليه فرآه يطيل النظر فيه، فقال له داوود: أما علمت أنهم كانوا يكرهون فضول النظر كما يكرهون فضول الكلام؟!
ومن مرويات داود رضي الله عنه: عن الأعمش عن يحيى بن وثاب عن ابن عمر قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على آذاهم خير من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على آذاهم».

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق