آخر الأخبار

random
جاري التحميل ...

  1. بارك الله فيكم. لمن هذا الكتاب العميق جزاكم الله خير؟ فاروق، احد متابعيكم

    ردحذف
    الردود

    1. المؤلف : محي الدين ابن عربي
      https://www.nafahat-tarik.com/2021/08/Ruh-al-Quds-fi-munasahat-al-Nafs.html?m=1

      حذف
    2. مرحبا سيدي الكريم

      حذف
    3. شكرا جزيلا.

      حذف

روح القدس فى مناصحة النفس

ثم اعرف وليي أبقاه الله تعالی بما طرأ بيني وبين نفسي، رأيت نفسي في هذه البلاد مسجونة مقهورة، فإني كما يعلمه وليي ممن يقول بوجودها ولا يصح عندي أبدأ موتها عن صفاتها لمعرفتي بحقائقها ومکانها، ولما رأیت الله تعالی قد فتح إلى قلبي باب الحكمة، وأجرى فيه بحارها، وسبح سري في شجها، حتى إني والله لأنظر إلى معظم البحر إذا اشتدت عليه الرياح الزعازع فَعَلا مَوْجُه وارتفع دويه، ثم أنظر إلى تموج بحر المعارف والأسرار في صدري فأجد معظم ذلك البحر بما وصفناه من تلاطم الأمواج واشتداد الرياح ساكنا لا حراك به عند تموج بحر الحكم في صدري واصطفاقه، لاسيما في مكة المشرفة، فداخلني من ذلك رعب شديد وجزع عظيم وخوف متلف، فعزمت على قطع الميعاد وأن لا أقعد للناس، فأمرت بالقعود والنصيحة للخلق قسرا وحتما واجبا، فقعدت رفيع الكلام، مصلت الحسام، ثم أخلو بنفسي حيث مسکني، فأزن المواهب بالحال التي أنا عليها وفيها، فلا أجد بينهما نسب يربط، ولا سبب يضبط، فخفت والله يا وليي مكر الله بي واستدراجه إياي، فخلوت بنفسي وقد داخلني من ذلك ما لا يعلمه إلا الله تعالى، ولا أجد طريقًا أدخل منه لتمحيص نفسي وقد انسدت علي المسالك بفنون الحقائق الأول والمعارف، إلى أن لطف الله بي برؤيا رأيتها وجدت بها الظفر على نفسي، وإقامة الورى عليها، وذلك أني رأيت في منامي كأني أدخلت الجنة، فلما حصلت فيها ولم أكن رأيت نارا ولا حشرا ولا حسابا، ولا شيئا من أهوال القيامة، وجدت في نفسي راحة عظيمة لا يقدر قدرها وسرورها، وحمدت الله تعالى، فلما استيقظت علمت أنه في حالي بعض اختلالی، وأن نفسي ادعت فوق حالها من جهة ما أعطاها الله من العلم، ولو كانت متحققة بالحق تحققا عقليا مقدسا إلهيا يغنيها عنها لم تلتذ بدخول الجنة ولا عقلت الراحة، ولشغلها التنزه في جلال الله عن النظر إلى راحتها، والتفاتها إلى نجاتها من أهوال الوعيد، فأرادت تقيم علي الحجة القاطعة من جهة تقسيم الحقائق الإنسانية ومراتبها، فلم أسمع لها وقامت حجتي عليها وآذتنها بقصورها وعظيم دعواها في شيء هي دونه، وحمدت الله الذي أظفرني بها فقلت لها يا نفس وعزة من جبلك على المخالفة، وجعلك محلا لكل وصف مذموم، لا أتركك على دعواك حتى أعرض أحوالك كلها على كتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فإن وافقت ذلك ولم أجد منك خللا سلمت لك فيما أردت أن تقيمي علي من سلطانك، والله تعالى يقول : " لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ "، وقال ابن مسعود رضي الله عنه : كن أنت المثحَدَّث إذا سمعته يقول " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ". وإن وجدتك دون ذلك وقامت الحجة عليك، فأنا ألطف بك وأرحمك بأن أمشي بك على أحوال أهل الصفة الذين تنتسبين إليهم، وعلى أحوال الصفوة من الصحابة الأعلام فيه ، فإن خرجت مع واحد منهم في حال ما، فأنا أنزلك معه وأرضى عنك، وإن لم أجدك مشيت بك على تابعيهم على نحو ما فعلت بك مع الصحابة فإن قصرت عن أحوالهم مشيت بك على تابعي تابعيهم وتابعي تابعي تابعيهم، فإما أن تقفي مع واحد منهم، وإما أن تقصري عن شأوهم فالنار أولى بك، وأجعل حكمتك ومعرفتك كدرهم زائف عند صيرفي ناقد فقالت لي (وقالت بعض حق). أما النبي عليه الصلاة والسلام فلا أعرض حالي مع حاله أدبا معه، فإن فلك النبوة ليس لنا فيه قدم ولا تقوم لك به علي حجة؛ فإنه البحر الذي يغترف منه الخاص والعام، فإن شددت علي به رخصت أنا على نفسي به وتتعارض الحجج وكل سنة وأنا أسقط لك الدعوى من أول وهلة، وأهجم على الرخص وأتخذها سنة كما وردت وأقنع بالنجاة من النار خاصة، وأحرمك التنزل في المنازل العلا فيما بقي من عمرك، وكذلك القرآن فإنه البحر الأعظم الذي لا يدرك قعره إذ ليس له قعر فيدرك ولا ساحل فيبلغ فيه، هلك الهالكون ونجا المفلحون قال اللّه تعالى: "يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً" تاللّه لو عرضت الملائكة والنبيون والمرسلون أجمعون أحوالهم على آية من القرآن على حد ما يعلمه اللّه من أسرار ما أودع فيها من الغيوب لبقي الكل إلى جانبها كلا شيء عندها لقد في أول آية منه وهي قوله تعالى: "الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ" يتيه العالم أسفله وأعلاه لا يعرف طريقه أبدا ولا يفي أحد بحقيقتها، فإن في الغيب أمورا لو بدا منها لمحة بارق لأعلى عالم مشاهدة من العالم وأقواه إيمانا لتردد فيها واتهموا إيمانه، فهم جهلوا الأسماء فما ظنك بما تنطوي عليه المسميات من المعاني وذلك لعلو الأمر عن مراتب العقول، وانفراد الحق بالخلق والإيجاد دون الخلق، ولهذا قال اللّه تعالى: "أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ" ولما لم يكن لنا علم فما أعطانا فمنة منه وعلمه لا يتناهى، فليس بإنصاف منك أن تعرض حالي على كتاب اللّه الأقوى الأقهر، ولكن حسبك من دون القرآن والنبوة من المؤمنين فخذ معي في مراتب الولاية وأنا المنقادة السميعة السهلة المطيعة، أرجع معك علي باللائمة إن قصرت، وأنصفك من نفسي أن أحصرت ولا تبقي في محل الغبن والخسران فإنك أنا، كما أنا أنت، فلست غيري ولست غيرك، وما لك على حجة وقد أعطيت يد الانقياد في التمحيص والاختيار، فتعجبت واللّه من نفس تنقاد لهذا المقدار فتلوت كلامها وما جاءت به فوجدتها قد انطوت على مكر وخداع، وأمر هائل لا يستطاع ،وقد شابت الأمر بالشرك،وأبطنت الحرب في السلم فتعاميت عنها في ذلك وحررت نفسي معها في المناظرة، ولم انتق لها من أحوالهم إلّا ما لم يخطر لها على بال ولا اتصفت به في حال، وعدلت عن كل حال رأيت لها فيه بعض اشتراك، ولو علمت أني أجد وليا من أولياء اللّه تعالى لم يمتز عنها بحال البتة لم أناظرها بأحوالهم ولا أخذت من مناقضتها ابتداء في سهولة انقيادها وإظهار نصيحتها، وتركتها بتعرضها لمعرفتي بنقصها وأنها تعجز عن ذلك، فقلت لها هات أخرجي أسنى ما تدعيه وأعلى ما تحفظيه، وأنا أعرض عليك أولا حال أهل الصفة وما كانوا عليه مجملا من غير تفصيلهم بأسمائهم رغبة في التخلص في أسرع، حال قالت : قل، قلت لها : حدثنا محمد بن عيسوب قال حدثنا أبو بكر بن عبد اللّه قال حدثنا سعيد قال حدثنا أبو الفضل قال حدثنا أحمد بن عبد اللّه قال حدثنا أبو بكر بن مالك قال حدثنا عبد اللّه بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال حدثنا وكيع قال حدثنا فضيل بن عزوان عن أبي حازم عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال : "رأيت سبعين من أهل الصفة يصلون في ثوب، فمنهم من يبلغ ركبتيه ومنهم أسفل من ذلك، فإذا ركع أحدهم قبض عليه مخافة أن تبدو عورته، واللّه ما اجتمع لهم ثوبان، ولا حضر لهم من الأطعمة لونان"، ناشدتك اللّه يا نفس هل كنت قط أفقر منك الآن في حرم اللّه تعالى؟ فقالت : لا، فقلت لها : الحمد للّه ترى لك قميصا وإزارا وسراويل وجبة وعمامة ونعلا وبردة وخبزا نقيا ولحما طريا وحلواء ويخدمك الرؤساء ويمتثل أمرك تقولي أفعل فيفعل تقولي لا تفعل فلا يفعل أين أنت منهم، إن أهل الصفة ماتوا، واللّه بحوائجهم في صدورهم لم يستطيعوا لها قضاء، على ما رويناه من حديث سليمان بن أحمد عن هارون بن ملول عن أبي عبد الرحمن المقبري عن سعيد بن أبي أيوب عن معروف بن سويد الحزامي عن أبي عشانة المعافري عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول فيهم فقراء المهاجرين الذين "تُتَّقَى بهم المَكارِهُ ويموتُ أحَدُهم وحاجتُه في صدرِه لا يستطيعُ لها قضاءً ..."، أخبر بهذا عن الله عنهم ، بالله با نفس حصلت في هذا المقام ؟ قالت : لا والله، قلت لها : فلست منهم، استحي من الله وارجعي على عقبك، ولا تطاولي القوم لست منهم في شيء، فقالت : علي بغيرهم، فليس لي هنا قدم. قلت لها فهذا عمّار بن ياسر، روينا من حديث أحمد بن جعفر بسنده عن عمّار رضي اللّه عنه أنه قال وهو يسير على شط الفرات : "اللهم لو أعلم أن أرضى لك عني أن أتردى فأسقط فعلت، ولو علمت أن أرضى لك عني أن ألقى في هذا فأغرق فيه فعلت" ناشدتك اللّه يا نفس هل خطر لك هذا قط في رضى اللّه لا تبغي به بدلا ؟ قالت : لا واللّه فانتقل بي عن هذا، قلت لها نعم هذا عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه روينا بالسند المتصل إليه أنه قال : "قَالَ حبذا المكروهان الْمَوْت والفقر وأيم الله إِن هُوَ إِلَّا الْغنى والفقر وَمَا أُبَالِي بِأَيِّهِمَا بليت أَرْجُو الله فِي كل وَاحِد مِنْهُمَا إِن كَانَ الْغنى إِن فِيهِ للْعَطْف وَإِن كَانَ الْفقر إِن فِيهِ للصبر " ناشدتك اللّه يا نفس هل عاملت اللّه قط من عمرك بمعاملة أثمرت لك أن تقطعي على اللّه بمثل هذا وتأمني من الفتنة في الغنى، والكفر في الفقر ؟ قالت : النصف أما القطع فلا، انتقل بي عن هذا فقد أربى عليّ، قلت لها نعم هذا عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه روينا بالسند المتصل إليه أنه لما أسلم قال له النبي صلى الله عليه وسلم : "يا عمر استره"، قال رضي اللّه عنه : قلت : والذي بعثك بالحق لأعلننه كما أعلنت الشرك" ناشدتك اللّه يا نفس هل قمت لي قط في دين اللّه تعالى حامية عنه بأمر بمعروف تعين عليك، أو نهي عن منكر في موطن دونه النفوس الحداد، وعدم الناصر يغلب فيه على ظنك أنك تقتلين فيه ؟ قالت : لا واللّه وإنما قاربت هذا المقام ولكن بسياسة وطنت بها نفوس الأعداء بحيث إن غلب على ظني الأمن والعافية في دمي قلت لها فارجعي قالت نعم هات غيره...

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق