آخر الأخبار

جاري التحميل ...

مقامات وأحوال الصوفية : الأنس

الأنس :

في اللغة :

أَنَسَ الرجل بالشيء وإليه : سكن إليه و ذهبت به وحشته
تآنس القوم : آنس بعضهم بعضاً. 
الأنس : ضد الوحشة و قيل : ارتفاع الحشمة مع وجود الهيبة و يطلق الأنس عند الصوفية على انس خاص وهو الأنس بالله ، أي التذاذ الروح بكمال الجمال. 

في القرآن الكريم 

في الاصطلاح الصوفي
يقول الإمام أبو حامد الغزالي :"إن علامة الأنس: ضيق الصدر من معاشرة الخلق و التبرم بهم و استهتاره بعذوبة الذكر، فإن خالط فهو كمنفرد في جماعة و مجتمع في خلوة و غريب في حضر وحاضر في سفر وشاهد في غيبة و غائب في حضور،مخالط بالبدن منفرد بالقلب مستغرق بعذوبة الذكر". 

قَوْلهم فِي الْأنس :

يقول الشيخ عبد الله الهروي :الأنس : و هو على ثلاث درجات : 
الدرجة الأولى : الأنس بالشواهد و هو استحلاء الذكر والتغذي بالسماع و الوقوف على الإشارات .
و الدرجة الثانية : الأنس بنور الكشف و هو أنس شاخص عن الأنس الأول تشوبه صولة الهيمان و يضربه موج الفناء و هذا الذي غلب قوماً على عقولهم وسلب قوماً طاقة الاصطبار وخل عنهم قيود العلم. 
والدرجة الثالثة : أنس اضمحلال في شهود الحضرة لا يعبَّر عن عينه ولا يشار إلى حده ولا يوقف على كنهه. 

يقول الشيخ السري السقطي : الأنس : التذاذ الروح بكمال الجمال . 
يقول الشيخ أبو سعيد الخراز :الأنس استبشار القلوب بقرب الله تعالى و سرورها به و هدوها في سكونها إليه و أمنها معه من حيث الروعات و إعفاؤه لها من كل ما دونه أن يشير إليه حتى يكون هو المشير لأنها ناعمة به ولا تحمل جفاء غيره . و يقول :الأنس هو محادثة الأرواح مع المحبوب في مجالس القرب. 
ويقول أيضا : المستأنس : هو الذي تذهب عنه الوحشة في المواطن التي يفزع فيها الناس فيستوي عنده العمران و الخراب و القفار والجماعة و الواحدة وذلك للذي استولى عليه من قرب الله ـ عز وجل ـ و عذوبة ذكره .
يقول الشيخ ذو النون المصري : الانس بالله من صفاء القلب مع الله .
ويقول أيضا :أدنى منازل الأنس : أن يلقى في النار فلا يغيب همه عن مأموله . 
يقول الشيخ أبو بكر الشبلي :الأنس وحشتك منك ومن نفسك ومن الكون . 
يقول الشيخ أحمد بن عجيبة: مؤانسة الذكر :هي أول أقسام المؤانسة التي يجدها العامل بعد العمل و هي لأهل الفناء في الأفعال من أهل الإسلام و هي توجب له الفرار من الناس و الوحشة منهم و لا تليق به إلا العزلة لضعفه و هي توصل إلى مؤانسة القرب و مؤانسة القرب توصل إلى مؤانسة الشهود.
مؤانسة القرب : هي ثاني أقسام المؤانسة التي يجدها العامل بعد العمل و هي لأهل الفناء في الصفات و هم أهل الاستشراق من أهل الإيمان و هي توجب القرب للناس على حذر منهم و يليق بها الصحبة مع العزلة ليتعلم القوة فهو يشرب منهم و لا يشربون منه لبعده منهم بقلبه مؤانسة القرب توصل إلى مؤانسة الشهود.
مؤانسة الشهود :هي ثالث أقسام المؤانسة التي يجدها العامل بعد العمل و هي لأهل الفناء في الذات من أهل الإحسان و هي توجب الصحبة لهم ومخالطتهم ؛لأنه يأخذ منهم و لا يأخذون منه و لا يليق بصاحبها إلا الصحبة لتحققه بالقوة فهو يأخذ النصيب من كل شيء ولا يأخذ النصيب منه شيء يصفو به كدر كل شيء و لا يكدر صفوه شيء. 
يقول الإمام القشيري: الأنس : هو عيش السر من غير ملاحظة البر. 
و هو : حياة القلب بنسيم القرب. 
و هو : برد الحياة بوداد المداناة. 
و هو : وجد الحبيب لفقد الرقيب. 
و هو : ذوق الوصول فوق المأمول. 
و يقول الشيخ عبد الوهاب الشعراني :الأنس بالله تعالى عيناً لا يصح ؛لأنه الاسم الجامع لحقائق الأسماء الإلهية و إنما يصح لبعض الخواص الأنس باسم الهي غير هذا الاسم ؛لأنه الغني عن العالمين فيعلم رتبته و لا يتمكن ظهور حكمه في العالمو أيضاً فإن الأنس لا يكون إلا بالجنس و لا مجانسة بين الحق و عبده و لكن إذا أضيفت المؤانسة قائماً بوجه خاص يرجع الكون و منه صح للخلق معرفة الحق فأنس العبد لا يكون بالله أبداً إنما هو بصورة من صور تجليه. 
يقول الشيخ عمر السهروردي :الأنس :هو حال شريف يكون : عند طهارة الباطن و كنسه : بصدق الزهد وكمال التقوى و قطع الأسباب والعلائق و محو الخواطر و الهواجس 
يقول الشيخ السرّاج الطوسي :أهل الأنس في الأنس على ثلاثة أحوال :فمنهم : من أنس بالذكر واستوحش من الغفلة وأنس بالطاعة و استوحش من الذنب. 
و الحال الثاني من الأنس : فهو لعبد قد استأنس بالله و استوحش مما سواه من العوارض والخواطر المشغلة. 
والحال الثالث من الأنس :هو الذهاب عن رؤية الأنس بوجود الهيبة والقرب و التعظيم مع الأنس كما ذكر عن بعض أهل المعرفة. 
يقول الشيخ أبو الحسين الوراق :لا يكون الأنس بالله إلا ومعه التعظيم ؛لأن كل من استأنست به سقط عن قلبك تعظيمه إلا الله تعالى فإنك لا تتزايد به أنساً إلا ازددت منه هيبة وتعظيماً. 
و قد حكي عن داوود الطائي أن أحد الدراويش رآه مرة مبتسماً فقال له : 
يا أبا سليمان من أين لك هذا الانشراح ؟ فقال داوود : أعطوني الصباح شراباً يقال له شراب الأنس فاليوم يوم عيد أسلمت نفسي للابتهاج فيه. 
ويروى عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه قوله في وصف أصحاب الأنس بالله : 
هم قوم هجم بهم العلم على حقيقة الأمر فباشروا روح اليقين و استلانوا ما استوعر المترفون و أنسوا بما استوحش منه الجاهلون صحبوا الدنيا بأبدانهم أرواحهم معلقة بالمحل الأعلى أولئك خلفاء الله في أرضه و الدعاة إلى دينه 
يقول الشيخ أبو بكر الشبلي:الأنس : وحشتك منك ومن نفسك ومن الكون و الأنس بالله يقتضي الاطمئنانية. 
يقول الشيخ أحمد الرفاعي الكبير:الأنس بالله :لا يكون إلا لعبد قد كملت طهارته و صفا ذكره واستوحش من كل ما يشغله عن الله عز وجل. 
يقول الشيخ عبد القادر الجيلاني :من أحب الله لا يرى غير الله و من اشتاق إلى الله أنس بالله. 
يقول الشيخ ابن عطاء الله السكندري :"متى أوحشك من خلقه فاعلم أنه يريد أن يفتح لك باب الأنس به". 
متى أوحشك من خلقه فاعلم أنه يريد أن يفتح لك باب الأنس به قلت هذه سنة الله تعالى في خلقه إذا أراد أن يؤنس عبده بذكره ويتحفه بمعرفته أوحشه من خلقه وشغله بخدمته وألهمه ذكره حتى إذا أمتلأ قلبه بالأنوار وتمكن من حلاوة الشهود والأستبصار رده إليهم رحمة لهم لأنه حينئذ لقوته يأخذ منهم ولا يأخذون منه ومثاله في الحس كفتيلة شعلتها فما دامت ضعيفة لا بد أن تحفظها من الريح وتقصد بها المواضع الخفية فإذا أشتد نورها وأشعلتها في الحطب صعدت بها إلى ظهور الجبال فبقدر ما يصيبها الريح يعظم أشتعالها كذلك الفقير ما دام في البداية لا يليق به إلا الوحشة من الخلق والفرار منهم فإذا تمكن في الشهود فلا يليق به حينئذ إلا الخلطة معهم لأنهم لا يضرونه فمتي أوحشك أيها الفقير من خلقه وعزلك عنهم في قلبك فأعلم أنه تعالى أراد أن يؤنسك به ويغنيك بمعرفته .

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية