آخر الأخبار

random
جاري التحميل ...

شرح الحكم الغوثية : مَنْ رَأَيْتَهُ يَدَّعِي معَ اللهِ حالاً لا يَكونُ عَلى ظَاهِرِهِه شاهِدٌ فَاخْذَرْهُ

أي إذا رأيت إنساناً يدعي مع الله حالاً لم يكن له شاهد على ظاهره فاحذره لئلا يصيبك من شره، لأن المجالسة مجانسة وكيف يدعي أن له حالا مع الله وهو لم يظهر على ظاهره أثره، وقد قيل : إن عنوان الظاهر عنوان الباطن، وما فيك يظهر عليك، ولا ترشح الأواني إلا بما سكن، ولهذا يقال : لا تأخد من الفقير المقال، وإنما خد منه الحال، وقد يتزيّن الفقير بأقوال القوم واصطلاحتهم حتى إذا قِست سيرته ومقاله على ظاهر حاله ولم تجد له شاهد، فاحذره، لأن العارفين بالله لهم سِمَةٌ في الظاهر تنبئ عما لهم في الباطن.

وقد قال تعالى : وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ، فالعارف المتمكّن تشهد عليه جوارحه بصدقه في عبوديته، فهي تنطق وتصدقه بلسان الحال، كما تنطق يوم القيامة وتشهد عليه بلسان المقال، يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ.

العارف كله عمل بلا مقال إلا إذا كان منتصبا للتذكير، أو تقول قلب بلا لسان وإن كان ولا بدّ فقلب ولسان، دليل الشهود الوقوف مع الحدود، ودليل رفع الحجاب القيام بالآداب.

وحاصل الأمر من لم يكن له شاهد على ظاهره موافق لدعوته فلا فائدة في صحبته. قيل في هذا المعنى :

أتَيتُ لِقاضي الحُـبِّ قُلـتُ أحبِّتِـي
 جَفَونِي وقَالُوا أنت فِي الحُبِّ مدَّعـي 
وعندي شهـودٌ للصَبابـةِ والأسـا
 يزكُّونَ دعـوايَ إذا جئـتُ أدَّعـي 
سُهادي وَوَجدي واكتئابِي ولوعتِـي 
 وشوقي وسقمي واصفراري وأدمعي 

فإن لكل حق حقيقة، ولكل صدق بيانا، ومن لم يكن على ظاهره شاهد موافق لدعوته في الباطن فهو مغرور يخشى على من صحبه، وقد يوجد في الطريق ممن هذه سيرته، تراه يتكلم بكلام تتفطّر منه السموات، وتندك لسطوته الجبال، وليس له من سيرة القوم إلا مجرد القول. الدعوى دعوى الحلاج والفعل فعل الحجاج، كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ.

قال شيخ هذه الطائفة مولاي العربي الدرقاوي رضي الله عنه : طريقتنا هذه طريقة الأسود، وقد يوجد فيها الخنازير والقرود، فالحذر كل الحذر ممن كان موافقا للقوم في المقال، مخالفا لهم في الحال، والله يحفظنا وهذه الطائفة من الزيغ والضلال.

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق